السرب (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥)) لكى يكون من المقرين بأن الله واحد خالق السموات والأرض وما فيهن ، ويقال : أراه الله ليلة أسرى به إلى السماء حتى أبصر من فى السماء السابعة إلى الأرض السابعة ، وليكون من الموقنين لكى يكون له يقين الخطوات.
(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) دخل عليه الليل فى السرب (رَأى كَوْكَباً) وهى الزهرة (قالَ هذا رَبِّي) أترى هذا ربى (فَلَمَّا أَفَلَ) غاب وتغير عن حاله إلى الحمرة (قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)) ربا ليس بدائم (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً) طالعا (قالَ هذا رَبِّي) أترى هذا ربى (فَلَمَّا أَفَلَ) غاب وتغير (قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يثبتنى على الهدى (لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧)) عن الهدى (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً) طالعة قد ملأت كل شىء (قالَ هذا رَبِّي) أترى هذا ربى (هذا أَكْبَرُ) من الأول والثانى (فَلَمَّا أَفَلَتْ) غابت وتغيرت ، قال إبراهيم : إنى لا أحب الآفلين ، ربا ليس بدائم لئن لم يهدنى ربى ، لم يثبتنى ربى ، لأكونن من القوم الضالين ، عن الهدى مقدم ومؤخر ، ويقال : قال : هذا ربى على معنى الاستهزاء لقومه ، لأن قومه كانوا يعبدون الشمس والقمر والنجوم ، فأنكر عليهم فاستهزأ بهم ، وقال لهم : أمثل هذا يكون الرب ، فلما خرج من السرب وجاء إلى قومه وهو يومئذ ابن سبع عشرة سنة ، نظر إلى السماء والأرض ، فقال : ربى الذى خلق هذا ، ثم مضى حتى أتى قومه فرآهم عاكفين على أصنام لهم (١)(قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨)) بالله من الأصنام ، قالوا : يا إبراهيم فمن تعبد أنت ، قال : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) أخلصت دينى وعملى (لِلَّذِي فَطَرَ) خلق (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً) مسلما (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)) على دينهم (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) خاصمه قومه فى آلهتهم وخوفوه بها لكى يترك دين الله (قالَ) إبراهيم (أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ) أتخاصموني فى دين الله لقبل آلهتكم وتخوفونى بها لكى أترك دين ربى (وَقَدْ هَدانِ) ربى لدينه (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ) من الأصنام (إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) نزوع المعرفة من قلبى فأخاف مما لا تخافون (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) علم ربى أنكم على غير الحق (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠)) أفلا تتعظون فيما أقول لكم من النهى.
(وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ
__________________
انظر : التفسير الكبير مفاتيح الغيب ، للزمخشرى (١٢ / ٣٩) فما بعدها.