(أَوْ تَقُولُوا) لكى لا تقولوا يوم القيامة (لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ) كما أنزل على اليهود والنصارى (لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) أسرع منهم إجابة للرسول وأصوب دينا (فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ) بيان (مِنْ رَبِّكُمْ) يعنى الكتاب والرسول (وَهُدىً) من الضلالة (وَرَحْمَةٌ) لمن آمن به (فَمَنْ أَظْلَمُ) أعتى وأجرأ على الله (مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ) بمحمد ، عليهالسلام والقرآن (وَصَدَفَ عَنْها) أعرض عنها (سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا) يعرضون عن محمد ، عليهالسلام ، والقرآن (سُوءَ الْعَذابِ) شدة العذاب (بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧)) يعرضون عن محمد ، عليهالسلام ، والقرآن.
(هَلْ يَنْظُرُونَ) هل ينتظروا أهل مكة (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت لقبض أرواحهم (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) يوم القيامة بلا كيف (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) يعنى طلوع الشمس من مغربها (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) قبل طلوع الشمس من مغربها (لا يَنْفَعُ نَفْساً) كافرة (إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) من قبل طلوع الشمس من مغربها (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) إذ لم تخلص بإيمانها ، ولم تعمل خيرا قبل طلوع الشمس من مغربها ، لأنه لا يقبل ممن كان كافرا إيمان ولا عمل ولا توبة إذا أسلم فى حين يراها إلا من كان صغيرا يومئذ ، أو مولودا بعد ذلك ، فإنه إن ارتد بعد ما تطلع الشمس من مغربها ، ثم أسلم قبل منه ، ومن كان يومئذ مؤمنا مذنبا فتاب من الذنوب قبل منه ، يقول : من كان يومئذ مؤمنا فتاب ، أو صغيرا ، أو مولودا بعد ذلك ، فإنه ينفع إيمانهم وتوبتهم وعملهم (قُلِ) يا محمد لأهل مكة (انْتَظِرُوا) يوم القيامة (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨)) بكم العذاب يوم القيامة ، أو قبل يوم القيامة ، ويقال : (قُلِ) يا محمد (انْتَظِرُوا) هلاكى إنا منتظرون لهلاككم.
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) تركوا دينهم ودين آبائهم ، ويقال : إقرارهم يوم الميثاق ، وإن قرأت فرقوا بتشديد الراء ، يعنى شتتوا دينهم (١)(وَكانُوا شِيَعاً) صاروا فرقا اليهودية والنصرانية والمجوسية (لَسْتَ مِنْهُمْ) من قتالهم (فِي شَيْءٍ) ثم أمره بعد ذلك بقتالهم ، ويقال : ليس بيدك توبتهم ولا عذابهم (إِنَّما أَمْرُهُمْ) بذلك (إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ) يخبرهم (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩)) من الخير والشر (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) مع التوحيد (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) بالشرك بالله (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) يعنى النار (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦٠)) لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.
__________________
(١) قال الأزهرى : قرأ حمزة والكسائى «فارقوا» بألف ، وفى الروم بألف أيضا ، وقرأ الأعمش ، عن أبى بكر هنا «فارقوا» بالألف ، وفى الروم بغير ألف ، وقرأ الباقون «فرقوا» بغير ألف فى السورتين ، قال الأزهرى : من قرأ (فارقوا دينهم) ففيه قولان أحدهما : أنهم تركوا دينهم وفارقوه فلم يدوموا عليه ، والثانى : أنهم فارقوا وفرقوا بمعنى واحد ، كما يقال : ضعف وضاعف ، وعالى وعلى ، وصاعر وصعر ، ومعناهما : اختلافهم فى دينهم وتفرقهم فيه ، ويقوى هذا القول قوله : وَكانُوا شِيَعاً أى فرقا شتى. انظر معانى القراءات (١٧٤).