صلّى الله عليه وأصحابه (١).
ثم ذكر قصة البقرة ، فقال : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) وقد قال موسى لقومه ، (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) من البقر (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) استهزاء بنا يا موسى (قالَ أَعُوذُ بِاللهِ) أمتنع بالله (أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧)) من المستهزئين بالمؤمنين ، فلما علموا أنه صادق
(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ) اسأل لنا ربك (يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) صغيرة هى أم كبيرة (قالَ) موسى (إِنَّهُ يَقُولُ) أى يقول الله ، (إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ) لا كبيرة (وَلا بِكْرٌ) ولا صغيرة (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) نصف أى وسط بين الصغير والكبير (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨)) ولا تسألوا.
(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ) سل لنا ربك (يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) ما لون البقرة ، (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ) الظلف والقرن سوداء البدن (فاقِعٌ لَوْنُها) صاف لونها (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩)) تعجب الناظرين إليها ، (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ) سل لنا ربك (يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) عاملة أم لا (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) تشاكل علينا (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠)) إلى وصفها ، ويقال : إلى قاتل عميل.
(قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ) لا مذللة (تُثِيرُ الْأَرْضَ) تحرث الأرض (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) ولم يستق عليها بالسواقى (مُسَلَّمَةٌ) من كل عيب (لا شِيَةَ فِيها) لا وضح فيها ، أى لا بياض فيها (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) الآن تبينت لنا الصفة ، فطلبوها واشتروها بملء مسكها ذهبا ، (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١)) فى بدء الأمر ، ويقال : من غلاء ثمنها.
(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ
__________________
(١) انظر : زاد المسير (١ / ٩٥) ، والنكت للماوردى (١ / ١١٩) ، والقرطبى (١ / ٤٤٣) ، ومختصر الطبرى (١ / ٤٦).