وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ (٧١))
(قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ) سنطلبه من أبيه ونغرى أباه (وَإِنَّا لَفاعِلُونَ (٦١)) لضامنون أنا سنجيء به (وَقالَ) يوسف (لِفِتْيانِهِ) لخدامه (اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ) دسوا دراهمهم (فِي رِحالِهِمْ) فى جواليقهم كيلا يعلمون (لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها) لكى يعرفوا هذه الكرامة منى ، ويقال : لكى يعرفوا أنها دراهمهم فيردوها لى (إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ) إذا رجعوا إلى أبيهم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢)) مرة أخرى (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ) بكنعان (قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) فيما يستقبل إن لم ترسل معنا بنيامين (فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا) بنيامين (نَكْتَلْ) يشتر لنفسه حملا ، ويقال : نشتر له حملا إن قرأت بالنون (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٦٣)) ضامنون برده إليك (قالَ) لهم يعقوب (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ) على بنيامين (إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ) من قبل يوسف ، يقول : هل أقدر أن آخذ عليكم العهد والميثاق أكثر مما أخذت عليكم فى يوسف (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) منكم (١)(وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٦٤)) وهو أرحم به من والديه ومن إخوته.
(وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ) جواليقهم (وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ) دراهمهم ثمن طعامهم (رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) مع طعامهم (قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي) ما نكذب بما قلنا من إحسان الرجل ولطفه بنا ما طلبنا هذا منه (هذِهِ بِضاعَتُنا) دراهمنا التى أعطيناه ثمن الطعام (رُدَّتْ إِلَيْنا) مع الطعام ، وهذا من إحسانه إلينا ، قال لهم أبوهم : بل جربكم الرجل بهذا ردوا هذه الدراهم إليه (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) نمتار أهلنا (وَنَحْفَظُ أَخانا) فى الذهاب والمجىء بنيامين (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) وقر بعير إذ كان هو معنا (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥)) حمل يسير نعطى بسببه ، ويقال : هذا أمر يسير وحاجة هينة نطلب منك
__________________
(١) قرأ حفص ، والكسائى «خَيْرٌ حافِظاً» وقرأ الباقون «حفظا». انظر : معانى الأزهرى (٢٢٥) بتحقيقنا ، والزجاج (٣ / ١١٨) ، والمبسوط فى القراءات العشر (٢١٠) ، والتيسير فى القراءات السبع (١٢٨).