(قالَ) لهم أبوهم (لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ) بهذه المقالة (حَتَّى تُؤْتُونِ) تعطونى (مَوْثِقاً) عهدا (مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) لتردنه على (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) إلا أن ينزل عليكم أمر من السماء ، ويقال : إلا أن يصيبكم أمر من السماء ، أو من الأرض (فَلَمَّا آتَوْهُ) أعطوا أباهم (مَوْثِقَهُمْ) عهودهم من الله على رده إلى أبيهم (قالَ) يعقوب (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)) شهيد ، ويقال : كفيل.
(وَقالَ) لهم (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ) من سكة واحدة (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) من سكك مختلفة (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ) من قضاء الله فيكم (مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ) ما الحكم بالقضاء فيكم (إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) اتكلت وفوضت أمرى وأمركم إليه (وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧)) فليثق الواثقون ، ويقال : على المؤمنين أن يتوكلوا على الله وكان خاف عليهم يعقوب من العين لأنهم كانوا صباح الوجوه جمالا فمن ذلك خاف عليهم (وَلَمَّا دَخَلُوا) مصر (مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ) كما أمرهم (أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ) من قضاء الله الله فيهم (مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حاجَةً) حزازة (فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ) فى قلب يعقوب (قَضاها) أبداها (وَإِنَّهُ) يعنى يعقوب (لَذُو عِلْمٍ) حفظ (لِما عَلَّمْناهُ) من الذى علمناه من الأحكام والحدود والقضاء والقدر ، علم أنه لا يكون إلا ما قضى الله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل مصر (لا يَعْلَمُونَ (٦٨)) ذلك ولا يصدقون (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ) ضم إليه (أَخاهُ) من أبيه وأمه وحبس سائر إخوته على الباب (قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ) بمنزلة أخيك الهلاك (فَلا تَبْتَئِسْ) فلا تحزن (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩)) بك إخوتك من الجفاء ، ويقولون لك من السب والتعيير (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) كال لهم كيلهم (جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) دس سقايته التى كان يشرب فيها ، ويكيل بها ، فى رحل أخيه من أبيه وأمه ، ثم أمرهم بالرحيل ، ثم أرسل خلفهم فتى (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) نادى مناد وهو فتى يوسف (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) أهل القافلة. (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) يقول : وأقبلوا عليهم ، وقالوا (ما ذا تَفْقِدُونَ (٧١)) ما تطلبون.
(قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢) قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (٧٣) قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ