يوسف (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) وهو يهوذا بالقميص (أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) صار بصيرا (قالَ) لبنيه وبنى بنيه (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٩٦)) يقول : إن يوسف حى لم يمت (قالُوا) ولده وولد ولده (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ادع الله أن يغفر لنا ذنوبنا (إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧)) مسيئين عاصين لله.
(قالَ) لهم (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ادعو لكم ربى ليلة الجمعة آخر السحر (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ) المتجاوز (الرَّحِيمُ (٩٨)) لمن تاب (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ضم إليه أباه وخالته لأن أمه كانت ماتت قبل ذلك (وَقالَ ادْخُلُوا) انزلوا (مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ) وقد شاء الله (آمِنِينَ (٩٩)) من العدو والسوء ، ويقال : ادخلوا مصر آمنين من العدو والسوء ، إن شاء الله مقدم ومؤخر (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) على السرير (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) خضعوا له بالسجود أبواه وإخوته وكان سجودهم تحيتهم فيما بينهم كان يسجد الوضيع للشريف والشاب للشيخ ، والصغير للكبير كهيئة الركوع نحو فعل الأعاجم (١)(وَقالَ يا أَبَتِ هذا) السجود (تَأْوِيلُ) تعبير (رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) من قبل هذا (قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) صدقا (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي) إلى (إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) ونجانى من العبودية (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) من البادية (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ) أفسد (الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) بالحسد (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ) لما جمع بيننا (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) بما أصابنا (الْحَكِيمُ (١٠٠)) بالجمع والفرقة.
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧) قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ
__________________
(١) انظر : سنن ابن ماجه (٢ / ١٢٢٠) ، وتفسير الطبرى (١٣ / ٤٤) ، وزاد المسير (٤ / ٢٩٠) ، وتفسير ابن كثير (٢ / ٤٩١).