خلق مثلكم (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) بالنبوة والإسلام (وَما كانَ لَنا) ما ينبغى لنا (أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ) بكتاب وحجة (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) بأمر الله (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)) يقول : وعلى المؤمنين أن يتوكلوا على الله ، فقالوا للرسل : وتوكلوا أنتم على الله حتى تروا ما يفعل بكم ، فقالت الرسل : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) أكرمنا بالنبوة والإسلام (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) فى أبداننا بطاعة الله (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)) فليثق الواثقون (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا) من مدينتنا (أَوْ لَتَعُودُنَ) تدخلن (فِي مِلَّتِنا) فى ديننا (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) إلى الرسل (رَبُّهُمْ) أن اصبروا (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣)) الكافرين (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ) لننزلنكم (الْأَرْضَ) أرضهم وديارهم (مِنْ بَعْدِهِمْ) من بعد هلاكهم (ذلِكَ) التسكين (لِمَنْ خافَ مَقامِي) القيام بين يدى (وَخافَ وَعِيدِ (١٤)) عذابى.
(وَاسْتَفْتَحُوا) استنصر كل قوم على نبيهم (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ) خسر عند الدعاء من النصرة كل متكبر ختال (عَنِيدٍ (١٥)) معرض عن الحق والهدى (مِنْ وَرائِهِ) من قدام هذا الجبار بعد الموت (جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦)) مما يخرج من جلودهم من القيح والدم (يَتَجَرَّعُهُ) يستمسك الصديد فى حلقه (وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) يجيزه (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ) غم الموت (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) من تحت كل شعرة ، ويقال : تأخذه النار من كل مكان من كل ناحية (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) من ذلك العذاب (وَمِنْ وَرائِهِ) من بعد الصديد (عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧)) شديد أشد من الصديد (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ) يقول : مثل أعمال الذين كفروا بربهم (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ) ذرت (بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) قاصف شديد من الريح (١)(لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) يقول : لا يجدون ثواب شىء مما عملوا من الخير فى الكفر كما لا يوجد من الرماد شىء إذا ذرته الريح (ذلِكَ) الكفر والعمل لغير الله (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨)) الخطأ البعيد عن الحق والهدى (أَلَمْ تَرَ) ألم تخبر يا محمد ، خاطب بذلك نبيه وأراد به قومه (أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ
__________________
(١) انظر : غريب ابن قتيبة (٢٣٨) ، وابن عزيز (ص ١٧٧) ، وتفسير الطبرى (١٤ / ٢٠) ، وزاد المسير (٤ / ٣٩٧).