(يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ) يعطاه (مَنْشُوراً (١٣)) مفتوحا فيه حسناته وسيئاته ، ويقال له : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤)) شهيدا بما عملت.
(مَنِ اهْتَدى) آمن (فَإِنَّما يَهْتَدِي) يؤمن (لِنَفْسِهِ) ثواب ذلك (وَمَنْ ضَلَ) كفر (فَإِنَّما يَضِلُ) يجنى (عَلَيْها) على نفسه عقوبة ذلك (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) لا تحمل حاملة ذنب أخرى بطيبة النفس ، ولكن يحمل عليها بالقصاص ، ويقال : لا تؤاخذ نفس بذنب نفس أخرى ، ويقال : لا تعذب نفس بغير ذنب ، (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) قوما بالهلاك (حَتَّى نَبْعَثَ) إليهم (رَسُولاً (١٥)) لاتخاذ الحجة عليهم (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) جبابرتها ورؤساءها بالطاعة ، إن قرئت بنصب الألف مخففا ، ويقول : كثرنا رؤساءها وجبابرتها وأغنياءها ، إن قرئت بنصب الألف ممدودا ، ويقال : سلطنا جبابرتها ورؤساءها ، إن قرئت الألف وتشديد الميم (١)(فَفَسَقُوا فِيها) فعملوا فيها بالمعاصى (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) وجب القول عليها بالعذاب (فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦)) فأهلكناها إهلاكا (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ) الماضية (مِنْ بَعْدِ نُوحٍ) من بعد قوم نوح (وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧)) بهلاكهم ، وإن لم نبين لك فتعلم ذنوبهم وعذابهم.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) يعنى الدنيا بأداء ما افترض الله عليه (عَجَّلْنا لَهُ فِيها) أعطيناه فى الدنيا (ما نَشاءُ) أن نعطيه (لِمَنْ نُرِيدُ) أن نهلكه فى الآخرة (ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ) أوجبنا له (يَصْلاها) يدخلها (مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨)) مقصيا من ثواب كل خير ، نزلت هذه الآية فى مرثد بن ثمامة (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ) يعنى الجنة بأداء ما افترض الله عليه (وَسَعى لَها سَعْيَها) عمل للجنة عملها (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) مع ذلك مؤمن مخلص بإيمانه (فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ) عملهم (مَشْكُوراً (١٩)) مقبولا نزلت هذه الآية فى بلال المؤذن (كُلًّا نُمِدُّ) نعطى بالرزق (هؤُلاءِ) أهل الطاعة (وَهَؤُلاءِ) أهل المعصية يمدون (مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ) رزق ربك (وَما كانَ عَطاءُ) رزق (رَبِّكَ مَحْظُوراً (٢٠)) محبوسا عن البر والفاجر.
(انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١) لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢) وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ
__________________
(١) انظر : زاد المسير (٥ / ٣٠) ، وغريب ابن قتيبة (ص ٢٥٤) ، وابن عزيز (ص ٢٨٠) ، واللسان والصاح ، مادة حسر ، وتفسير الطبرى (١٥ / ٥٦) ، والكشاف للزمخشرى (١ / ٢٥٤).