مَقْضِيًّا (٢١) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠))
(فَحَمَلَتْهُ) مريم وكان حمله تسعة أشهر ، ويقال : يوم واحد (فَانْتَبَذَتْ) فانفردت (بِهِ) بولادتها إياه (مَكاناً قَصِيًّا (٢٢)) بعيدا من الناس (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ) فألجأها الطلق (إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) إلى أصل نخلة يابسة (قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) الولد ، ويقال : قبل هذا اليوم (وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣)) شيئا متروكا لم يذكر ، ويقال : حيضة ملقاة ، ويقال : سقطة (فَناداها مِنْ تَحْتِها) من تحت أسفلها يعنى جبريل (أَلَّا تَحْزَنِي) يا مريم على ولادة عيسى (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤)) نبيا ، ويقال : فناداها من تحتها إن قرأت بنصب الميم يعنى عيسى ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا نهرا صغيرا (١) (وَهُزِّي إِلَيْكِ) خذى إليك (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) بأصل النخلة فحركيها (تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥)) غضا طريا (فَكُلِي) من الرطب (وَاشْرَبِي) من النهر (وَقَرِّي عَيْناً) طيبى نفسا بولادة عيسى عليهالسلام (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ) من الآدميين (أَحَدٌ أَ) بعد هذا اليوم (فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) صمتا (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)) آدميا ، ثم اسكتى بعد ذلك حتى يتكلم بعذرك عيسى (فَأَتَتْ بِهِ) بعيسى (قَوْمَها) إلى قومها (تَحْمِلُهُ) وهو ابن أربعين يوما (قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧)) منكرا عظيما (يا أُخْتَ هارُونَ) يا شبيهة هارون فى العبادة ، وكان هارون رجلا صالحا من أمثل الناس ، ويقال : كان هارون رجل سوء فضربوها به ، ويقال : كان هارون أخاها من أبيها (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) رجلا زانيا (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)) فاجرة (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) إلى عيسى عليهالسلام ، أن كلموه (قالُوا) لها (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ) فى الحجر ، ويقال : فى السرير (صَبِيًّا (٢٩)) صغيرا ابن أربعين
__________________
(١) انظر : السبعة (٤٠٨) ، ومعانى القرآن للفراء (٢ / ١٦٤) ، وتفسير الطبرى (١٦ / ٥٠).