إلا ظله : إمام عادل» (١) ، الحديث.
وروي : «إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسا إمام عادل وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدّهم عذابا إمام جائر» (٢). ولما أخبرهم بأمره زادهم رغبة بقوله : (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا) فيه إدغام ميم نعم في ما النكرة الموصوفة أي : نعم شيئا (يَعِظُكُمْ بِهِ) وهو تأدية الأمانة والحكم بالعدل ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح النون ، وكسرها الباقون ، واختلس كسر العين قالون وأبو عمرو وشعبة (إِنَّ اللهَ كانَ) أي : ولم يزل ولا يزال (سَمِيعاً) لكل ما يقال (بَصِيراً) بكلّ ما يفعل.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي : أقروا بالإيمان ، وبدأ بما هو العمدة في الحمل على ذلك فقال : (أَطِيعُوا اللهَ) أي : فيما أمركم به (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أي : فيما بينه لكم (وَ) أطيعوا (أُولِي) أي : أصحاب (الْأَمْرِ) أي : الولاة (مِنْكُمْ) أي : إذا أمروكم بإطاعة الله ورسوله ، وسواء كان ذلك في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم بعده ، ويندرج فيهم الخلفاء والقضاة وأمراء السرية.
روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «السمع والطاعة على المرء فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (٣).
وروي أنه صلىاللهعليهوسلم خطب في حجة الوداع فقال : «اتقوا الله وصلوا رحمكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدّوا زكاة أموالكم وأطيعوا إذا أمركم تدخلوا جنة ربكم» (٤). وقيل : «المراد بأولي الأمر أبو بكر وعمر لقوله صلىاللهعليهوسلم : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» (٥) وقال عطاء هم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان بدليل قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) [التوبة ، ١٠٠].
روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «مثل أصحابي وأمّتي كالملح في الطعام ولا يصلح الطعام إلا بالملح» (٦) ، قال الحسن : فقد ذهب ملحنا فكيف نصلح! وقيل : المراد علماء الشرع لقوله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء ، ٨٣] (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ) أي : اختلفتم (فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ) أي : كتابه (وَالرَّسُولِ) أي : مدّة حياته وبعد وفاته إلى سنته أي : اكشفوا عليه منهما والردّ إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما ، فإن لم يوجد فسبيله الاجتهاد. وقيل : الرد إلى الله والرسول أن يقول لما لا يعلم : الله ورسوله أعلم (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي : فإن الإيمان يوجب هذا (ذلِكَ) أي : من الردّ إليهما (خَيْرٌ) لكم من التنازع والقول
__________________
(١) أخرجه البخاري في الأذان حديث ٦٦٠ ، ومسلم في الزكاة حديث ١٠٣١ ، والترمذي في الزهد حديث ٢٣٩١ ، والنسائي في القضاة حديث ٥٣٨٠.
(٢) أخرجه الترمذي حديث ١٣٢٩ ، وأحمد في المسند ٣ / ٢٢ ، ٥٥.
(٣) أخرجه أبو داود حديث ٢٦٢٦ ، والترمذي حديث ١٨٣٩.
(٤) أخرجه الترمذي في الجمعة حديث ٦١٦.
(٥) أخرجه الترمذي في المناقب حديث ٣٦٦٢ ، ٣٨٠٥ ، وابن ماجه في المقدمة حديث ٩٧ ، وأحمد في المسند ٥ / ٣٨٢ ، ٣٨٥ ، ٣٩٩ ، ٤٠١ ، ٤٠٢.
(٦) أخرجه البغوي في شرح السنة ١ / ٥٥١ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ١٨ ، والتبريزي في مشكاة المصابيح ٦٦٠٦ ، والعجلوني في كشف الخفاء ٢ / ٢٧٥ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣٢٤٧٦.