وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٩٢) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٩٤) لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٩٦) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩) وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠) وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (١٠١))
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) أي : ما ينبغي أن يصدر منه قتل له بغير حق (إِلَّا خَطَأً) أي : مخطئا في قتله من غير قصد ، نزلت في عياش بن ربيعة ، وذلك إنه أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة قبل الهجرة وأسلم ثم خاف أن يظهر الإسلام لأهله فخرج هاربا إلى المدينة وتحصن في أطم من آطامها فجزعت أمّه لذلك جزعا شديدا وقالت لابنيها الحارث وأبي جهل ابني هشام وهما أخواه لأمّه : والله لا يظلني سقف ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتيا به ، فخرجا في طلبه وخرج معهما الحارث بن زيد حتى أتوا المدينة فأتوا عياشا وهو في الأطم وقالوا له : انزل فإنّ أمّك لم يأوها سقف بيت بعدك وقد حلفت أن لا تأكل طعاما ولا تشرب شرابا حتى ترجع إليها ولك والله علينا عهد أن لا نكرهك على شيء ولا نحول بينك وبين دينك ، فلما ذكروا له ذلك أي : جزع أمّه وأوثقوا بالله نزل إليهم فأخرجوه من المدينة ثم أوثقوه وجلده كل واحد منهم مئة جلدة ثم قدموا به إلى أمّه فلما أتاها قالت له : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثوقا مطروحا في الشمس ما شاء الله فأعطاهم الذي أرادوا فأتاه الحارث بن زيد فقال : يا عياش أهذا الذي أنت عليه؟ فو الله لئن كان هدى لقد تركت الهدى ولئن كان ضلالة لقد كنت عليها فغضب عياش من مقالته وقال : والله لا ألقاك خاليا أبدا إلا قتلتك ، ثم إنّ عياشا بعد ذلك أسلم وهاجر ، ثم أسلم الحارث بن زيد بعده ، وهاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وليس عياش حاضرا يومئذ ولم يشعر بإسلامه فبينما عياش بظهر قباء إذ لقي الحارث ، فقتله ، فقال الناس : ويحك أي شيء صنعت إنه قد أسلم فرجع عياش إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال له : قد كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته فنزلت الآية.
تنبيه : قوله تعالى : (إِلَّا خَطَأً) إمّا منصوب على الحال أي : وليس من شأن المؤمن أن يقتل مؤمنا في حالة من الأحوال إلا حال الخطأ ، وإما مفعول لأجله أي : لا يقتله لعلة إلا للخطأ ،