صلىاللهعليهوسلم بيدي فقال : «خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجرة يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق الله آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار وفيما بين العصر إلى الليل» (١) ، وقيل : يوم الأحد لقول بعضهم سمي يوم الاثنين لأنه ثاني الأيام والخميس لأنه خامس الأيام قال الإسنوي : والصواب الأول للخبر المذكور (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي : استوى أمره وقال أهل السنة : الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب الإيمان به ونكل فيه العلم إلى الله تعالى والمعنى أنّ له سبحانه وتعالى استواء على العرش على الوجه الذي عناه منزه عن الاستقرار والتمكن ، وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه ، ٥] فأطرق رأسه مليا وعلاه الرحضاء ثم قال : الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، وما أظنك إلا ضالا ثم أمر به فأخرج.
وروي عن سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات المتشابهة أمرّوها كما جاءت اقرؤها بلا كيف وإجماع السلف منعقد على أن لا يزيدوا على قراءة الآية والعرش في اللغة السرير ، قال كعب : إنّ السموات في العرش كالقنديل معلقا بين السماء والأرض ، وقال الطائي : العرش ياقوتة حمراء ، وشذ قوم فقالوا : العرش بمعنى الملك ، وهذا عدول عن الحقيقة إلى التجوّز مع مخالفة الأثر ألم يسمعوا قوله تعالى : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود ، ٧] أتراه كان الملك على الماء وكيف يكون الملك ياقوتة حمراء وبعضهم يقول : استوى بمعنى استولى ويحتج بقول الشاعر (٢) :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
وقال آخر (٣) :
هما استويا بفضلهما جميعا |
|
على عرش الملوك بغير زور |
وهذا منكر عند أهل اللغة ، قال ابن الأعرابيّ : لا يعرف استولى فلان على كذا إلا إذا كان بعيدا منه غير متمكن منه ثم تمكن منه والله تعالى لم يزل مستوليا على الأشياء ، والبيتان قال ابن فارس اللغوي : لا يعرف قائلهما ولو صحا لا حجة فيهما لما بينا من استيلاء من لم يكن مستوليا نعوذ بالله من تعطيل الملحدة وتشبيه المجسمة ، وقيل : هو ما علا فأظل ومنه عرش الكرم (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) أي : يغطيه ولم يذكر عكسه ، إما للعلم به وإما لأنّ اللفظ يحتملهما بأن يكون المعنى بأنه يلحق الليل بالنهار والنهار بالليل ، وقرأ شعبة وحمزة والكسائي بفتح الغين وتشديد الشين والباقون بسكون الغين وتخفيف الشين (يَطْلُبُهُ) أي : يطلب كل منهما الآخر طلبا (حَثِيثاً) أي : سريعا فهو صفة مصدر محذوف ويحتمل أن يكون حالا من الفاعل بمعنى حاثا أو المفعول بمعنى المحثوث (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ) أي : مذللات لما يراد منهنّ من طلوع وأفول وسير على حسب إرادة المدبر لهنّ (بِأَمْرِهِ) أي : بقضائه وتصريفه.
__________________
(١) أخرجه مسلم في القيامة حديث ٢٧٨٩.
(٢) الرجز للأخطل في تاج العروس (سوا) ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في لسان العرب (سوا) ، ورصف المباني ص ٣٧٢.
(٣) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.