عنه بالثمرة لأنّ الانتفاع منه بغيرها قليل (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ) الجارية (خِلالَها) أي : وسطها (تَفْجِيراً) أي : تشقيقا والفجر شق الظلام عن عمود الصبح والفجور شق جلباب الحياء بما يخرج إلى الفساد.
ثالثها قولهم : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ) أي : نفسها (كَما زَعَمْتَ) فيما تتوعدنا به (عَلَيْنا كِسَفاً) أي : قطعا جمع كسفة وهي القطعة. وقرأ نافع وابن عامر وعاصم بنصب السين مثل قطعة وقطع وسدرة وسدر ، والباقون بسكونها مثل دمنة ودمن وسدرة وسدر وهو نصب على الحال في القراءتين جميعا كأنه قيل أو تسقط السماء علينا مقطعة.
رابعها : قولهم : (أَوْ تَأْتِيَ) معك (بِاللهِ) أي : الملك الأعظم (وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) أي :
عيانا ومقابلة ننظر إليه لا يخفى علينا شيء منه. وقال الضحاك : هو جمع قبيلة ، أي : أصناف الملائكة قبيلة قبيلة. قال ابن هانئ كفيلا ، أي : يكفلون بما تقول.
خامسها : قولهم : (أَوْ يَكُونَ لَكَ) أي : خاصا بك (بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) أي : ذهب كامل الحسن والزينة.
سادسها : قولهم : (أَوْ تَرْقى) أي : تصعد (فِي السَّماءِ) درجة درجة ونحن ننظر إليك صاعدا (وَلَنْ نُؤْمِنَ) أي : نصدق مذعنين (لِرُقِيِّكَ) أي : أصلا (حَتَّى تُنَزِّلَ) وحققوا معنى كونه من السماء بقولهم (عَلَيْنا كِتاباً) ومعنى كونه في رق أو نحوه بقولهم (نَقْرَؤُهُ) يأمرنا فيه بأتباعك. روى عكرمة عن ابن عباس أنّ عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا البختري بن هشام وعبد الله بن أمية وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام والعاص بن وائل ونبهانا ومنبها ابني الحجاج اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه أنّ أشراف قومك قد اجتمعوا لك يكلمونك فجاءهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سريعا وهو يظنّ أنهم بدا لهم في أمره بداء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم حتى جلس إليهم فقالوا : يا محمد إنا بعثنا إليك لنعذر فيك وإنا والله لا نعلم أنّ رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعيبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك فإن كنت جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جعلنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد الشرف سودناك علينا وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي بك رئيا تراه قد غلب عليك لا تستطيع ردّه بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه ، أو نعذر فيك وكانوا يسمون التابع من الجنّ الرئي. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما بي مما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم ولا للشرف عليكم ولا للملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل عليّ كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فإن تقلبوا مني فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردّوه إليّ أصبر لأمر الله تعالى حتى يحكم الله بيني وبينكم. فقالوا : يا محمد فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد أضيق بلادا وأشدّ عيشا منا فسل لنا ربك الذي بعثك فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت ويبسط لنا بلادنا ويفجر فيها أنهارا كأنهار الشأم والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صدّقوك صدّقناك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما بهذا بعثت فقد بلغتكم ما