هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧)قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨) حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥))
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ) أي : خلق (لَكُمُ) يا من يكذب بالآخرة (السَّمْعَ) بمعنى الإسماع (وَالْأَبْصارَ) على غير مثال سبق لتحسنوا بها ما نصب من الآيات (وَالْأَفْئِدَةَ) أي : التي هي مراكز العقول فتتفكروا في الآيات وتستدلوا بها على الوحدانية فكنتم بها أعلى من بقية الحيوان جمع فؤاد وهو القلب ، وإنما خص هذه الثلاثة بالذكر ؛ لأنه يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية ما لا يتعلق بغيرها ، فمن لم يعملها فيما خلقت له ، فهو بمنزلة عادمها كما قال عزوجل : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ) [الأحقاف ، ٢٦] ، ولما صور لهم هذه النعم وهي بحيث لا يشك عاقل في أنه لو تصور أن يعطي آدمي شيئا منها لم يقدر على مكافأته حسن تبكيتهم في كفر النعم ، فقال تعالى : (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) لمن أولادكم هذه النعم التي لا يقدر غيره على شيء منها مع ادعائكم أنكم أشكر الناس لمن أسدى إليكم أقل ما يكون من النعم التي يقدر على مثلها كل أحد ، فكنتم بذلك مثل الحيوانات العجم صما بكما عميا ؛ قال أبو مسلم : ليس المراد أن لهم شكرا وإن قل ، لكنه يقال للكفور الجاحد النعمة ما أقل شكر فلان.
ثانيها : ما ذكره في قوله تعالى : (وَهُوَ) أي : وحده (الَّذِي ذَرَأَكُمْ) أي : خلقكم وبثكم (فِي الْأَرْضِ) للتناسل (وَإِلَيْهِ) وحده (تُحْشَرُونَ) يوم النشور.
ثالثها : ما ذكره بقوله تعالى : (وَهُوَ) أي : وحده (الَّذِي) من شأنه أنه (يُحْيِي وَيُمِيتُ) فلا مانع له من البعث ولا غيره مما يريده.
رابعها : ما ذكره بقوله تعالى : (وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي : التصرف فيهما بالسواد والبياض والزيادة والنقصان (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي : بالنظر والتأمل أن الكل منا وأن قدرتنا تعم الممكنات كلها ، وأن البعث من جملتها فتعتبرون.
ولما كان معنى الاستفهام الإنكاري النفي حسن بعده بقوله تعالى : (بَلْ قالُوا) أي : هؤلاء العرب (مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) من قوم نوح ومن بعدهم فقالوا ذلك تقليدا للأولين ، ثم حكى الشبهة عنهم من وجهين :