ولما كان التعبير بالدابة يفهم أنها كالحيوانات العجم لا كلام لها قال (تُكَلِّمُهُمْ) أي : بالعربية كما قاله مقاتل بكلام يفهمونه بلسان طلق ذلق فتقول (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) أي : أنّ الناس كانوا لا يوقنون بخروجي لأنّ خروجها من الآيات ، وتقول ألا لعنة الله على الظالمين ، وعن السدي : تكلمهم ببطلان الأديان كلها سوى دين الإسلام.
وعن ابن عمر : تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه ثم تستقبل المشرق ثم الشأم ثم اليمن فتفعل مثل ذلك ، وروي أنها تخرج من أجياد ، روي بينما عيسى عليهالسلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون إذ تضطرب الأرض تحتهم تحرك القنديل وينشق الصفا مما يلي المسعى فتخرج الدابة من الصفا ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتضرب المؤمن في مسجده أو فيما بين عينيه بعصا موسى فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه أو تترك وجهه كأنه كوكب دريّ وتكتب بين عينيه مؤمن ، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتى يسودّ لها وجهه وتكتب بين عينيه كافر ، وروي فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم أنف الكافر بالخاتم ثم تقول لهم يا فلان أنت من أهل الجنة ويا فلان أنت من أهل النار.
وعن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها والدجال والدخان والدابة وخاصة أحدكم وأمر العامة» (١) وقال صلىاللهعليهوسلم : «إنّ أوّل الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها» (٢).
وقال صلىاللهعليهوسلم : «للدّابة ثلاث خرجات من الدهر فتخرج خروجا بأقصى اليمن فيفشو ذكرها في البادية ولا يدخل ذكرها القرية يعني مكة ثم تكمن زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة فيفشو ذكرها بالبادية ويدخل ذكرها القرية يعني مكة ثم بينا الناس يوما في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها على الله عزوجل يعني المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنو وتدنو ، قال الراوي ما بين الركن الأسود إلى باب بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد في وسط من ذلك فارفض الناس عنها وثبتت لها عصابة عرفوا أنهم لم يعجزوا الله فخرجت عليهم تنفض رأسها من التراب فمرت فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب حتى أنّ الرجل ليقوم فيتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول يا فلان الآن تصلي ، فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه فيتجاور الناس في ديارهم ويصطحبون في أسفارهم ويشتركون في الأموال ويعرف الكافر من المؤمن فيقال للمؤمن يا مؤمن وللكافر يا كافر» (٣).
وعن عليّ رضي الله تعالى عنه أنه قال ليست بدابة لها ذنب ولكن لها لحية يشير إلى أنها رجل ، والأكثرون على أنها دابة ، وعن ابن عباس أنه قرع الصفا بعصاه وهو محرم وقال إنّ الدابة
__________________
(١) أخرجه مسلم في الفتن حديث ٢٩٤٧ ، وابن ماجه في الفتن حديث ٤٠٥٦.
(٢) أخرجه مسلم في الفتن حديث ٢٩٤١ ، وأبو داود في الملاحم حديث ٤٣١٠ ، وابن ماجه في الفتن حديث ٤٠٦٩.
(٣) الحديث لم أجده بهذا اللفظ في كتب الحديث التي بين يدي.