لتخيل فاسد ، قال وهب : ذبح فرعون في طلب موسى سبعين ألفا من بني إسرائيل.
وقوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَ) عطف على قوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) لأنها نظيرة تلك في وقوعها تفسيرا لنبأ موسى وفرعون وقصصا له ، ونريد حكاية حال ماضية أي : نعطي بقدرتنا وعلمنا ما يكون جديرا أن نمن به (عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) أي : حصل استضعافهم وأهانهم بهذا الفعل الشنيع ولم يراقب فيهم مولاهم (فِي الْأَرْضِ) أي : أرض مصر فذلوا وأهينوا ، ونريهم في أنفسهم وأعدائهم فوق ما يحبون وفوق ما يأملون (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) أي : مقدّمين في الدين والدنيا علماء يدعون إلى الجنة عكس ما يأتي من عاقبة آل فرعون ، وقال مجاهد : دعاة إلى الخير ، وقال قتادة : ولاة وملوكا ، لقوله تعالى : (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) [المائد : ٢٠] وقيل : يقتدى بهم في الخير (وَنَجْعَلَهُمْ) أي : بعظمتنا وقدرتنا (الْوارِثِينَ) أي : لملك مصر لا ينازعهم فيه أحد من القبط يخلفونهم في مساكنهم.
(وَنُمَكِّنَ) أي : نوقع التمكين (لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أي : كلها لا سيما أرض مصر والشام بإهلاك أعدائهم وتأبيد ملكهم وتأييدهم بكلمة الله ، ثم بالأنبياء من بعده صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بحيث يسلطهم بسببهم على من سواهم بما يؤيدهم به من الملائكة ويظهر لهم من الخوارق (وَنُرِيَ) أي : بما لنا من العظمة (فِرْعَوْنَ) أي : الذي كان هذا الاستضعاف منه (وَهامانَ) وزيره (وَجُنُودَهُما) أي : الذين كانا يتوصلان بهم إلى ما يريد أنه من الفساد فيقوى كل منهم بالآخر في الأرض فعلوا وطغوا ، وقوله تعالى (مِنْهُمْ) أي : المستضعفين متعلق بنري أو بنريد لا بيحذرون ، لأنّ ما بعد الموصول لا يعمل فيما قبله (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) أي : من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم.
وقرأ حمزة والكسائي : ويري بالياء مفتوحة وفتح الراء مع الإمالة وسكون الياء بعد الراء ورفع فرعون وهامان وجنودهما مضارع رأى مسندا إلى فرعون وما عطف عليه فلذلك رفعوا ، وقرأ الباقون : بالنون مضمومة وكسر الراء وفتح الياء بعدها ونصب الأسماء الثلاثة مضارع أرى فلذلك نصب فرعون وما عطف عليه مفعولا أوّل وما كانوا هو الثاني.
ثم ذكر تعالى أوّل نعمة منّ بها على الذين استضعفوا بقوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا) أي : وحي إلهام أو منام (إِلى أُمِّ مُوسى) لا وحي نبوّة ، قال قتادة : قذفنا في قلبها واسمها يوحا وهي بنت لاوي بن يعقوب ، وهذا هو الذي أمضينا في قضائنا أن يسمى بهذا الاسم وأن يكون هلاك فرعون وزوال ملكه على يده بعد أن ولدته وخافت أن يذبحه الذابحون (أَنْ أَرْضِعِيهِ) ما كنت آمنة عليه ولم يشعر بولادته غير أخته ، قيل أرضعته ثمانية أشهر ، وقيل : أربعة أشهر ، وقيل : ثلاثة أشهر كانت ترضعه في حجرها وهو لا يبكي ولا يتحرّك ، وقد روي أنها أرضعته ثلاثة أشهر في تابوت من برديّ مطليّ من داخله بالقار (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) أي : منهم أن يصيح فيسمع فيذبح (فَأَلْقِيهِ) أي : بعد أن تضعيه في شيء يقيه من الماء (فِي الْيَمِ) وهو البحر ولكن أراد هنا النيل (وَلا تَخافِي) أي : لا يتجدد لك خوف أصلا من أن يغرق أو يموت من ترك الرضاع (وَلا تَحْزَنِي) أي : ولا يوجد لك حزن لوقوع فراقه ، فإن قيل ما المراد بالخوفين حتى أوجب أحدهما ونهى عن الآخر؟ أجيب : بأنّ الخوف الأوّل هو الخوف عليه من القتل لأنه كان إذا صاح خافت عليه أن يسمع الجيران صوته فينمّوا عليه ، وأما الثاني ، فالخوف من الغرق ومن الضياع ومن الوقوع في بعض العيون المبعوثة من