بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥) وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (٤٣) خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (٤٥))
(وَلَمَّا جاءَتْ) وأسقط أن لأنه لم يتصل القول بأوّل المجيء بل كان قبله السلام والضيافة وعظم الرسل بقوله تعالى : (رُسُلُنا) أي : من الملائكة تعظيما لهم في أنفسهم (إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) أي : بإسحاق ولدا له ويعقوب ولدا لإسحاق عليهماالسلام.
(قالُوا) أي : الرسل عليهمالسلام لإبراهيم عليهالسلام بعد أن بشروه وتوجهوا نحو سدوم (إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) أي : قرية سدوم ، والإضافة لفظية لأنّ المعنى على الاستقبال ، ثم عللوا ذلك بقولهم : (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) أي : عريقين في هذا الوصف فلا حيلة في رجوعهم عنه ، فإن قيل : قال تعالى في قوم نوح : (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) [العنكبوت ، ١٤] ففي ذلك إشارة إلى أنهم كانوا على ظلمهم حين أخذهم ولم يقل فأخذهم وكانوا ظالمين وهنا قال : (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) ولم يقل وهم ظالمون؟ أجيب : بأنه لا فرق في الموضعين في كونهما مهلكين وهم مصرون على الظلم لكن هناك الإخبار من الله تعالى عن الماضي حيث قال فأخذهم وهم عند الوقوع في العذاب ظالمون وههنا الإخبار من الملائكة عن المستقبل حيث قالوا : (إِنَّا مُهْلِكُوا) فذكروا ما أمروا به فإنّ الكلام عن الملك بغير إذنه سوء أدب ، وهم كانوا ظالمين في وقت الأمر وكونهم يبقون كذلك لا علم لهم به.
ولما قالت الملائكة لإبراهيم عليهالسلام ذلك (قالَ) لهم مؤكدا تنبيها على حالة ابن أخيه (إِنَّ فِيها لُوطاً) ولم يقل عليهالسلام إن منهم لوطا لأنه نزيل عندهم فلذا جاء بالتصريح بالسؤال عنه (قالُوا) أي : الرسل عليهمالسلام له : (نَحْنُ أَعْلَمُ) منك (بِمَنْ فِيها) أي : من لوط وغيره (لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) أي : الباقين في العذاب وهم الفجرة لتعم وجهها معهم الغبرة ، وقرأ حمزة والكسائي بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم بعدها ، والباقون بفتح النون وتشديد الجيم بعدها.
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) أي : المعظمون بنا (سِيءَ) أي : حصلت له المساءة والغم (بِهِمْ) أي : بسببهم مخافة أن يقصدهم قومه بسوء لما رأى من حسن أشكالهم وهو يظنّ أنهم من