مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢) وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦) الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (٧٣))
(وَما) أي : والحال أنا ما (نُرِيهِمْ) على ما لنا من الجلال والعلو وأغرق في النفي بإثبات الجار فقال تعالى : (مِنْ آيَةٍ) أي : من آيات العذاب كالطوفان وهو ماء دخل بيوتهم ووصل إلى حلوق الجالسين سبعة أيام والجراد وغير ذلك (إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ) أي : في الرتبة (مِنْ أُخْتِها) أي : التي تقدمت عليها بالنسبة إلى علم الناظرين لها (وَأَخَذْناهُمْ) أي : أخذ قهر وغلبة (بِالْعَذابِ) أي : أنواع العذاب كالدم والقمل والضفادع والبرد الكبار الذي لم يعهد مثله ملتهبا بالنار وموت الأبكار فكانت آيات على صدق موسى عليهالسلام بما لها من الإعجاز ، وعذابا لهم في الدنيا موصولا بعذاب الآخرة فيا لها من قدرة باهرة وحكمة ظاهرة (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي : ليكون حالهم عندنا إذا نظرهم الجاهل بالعواقب حال من يرجى رجوعه.
(وَ) لما عاينوا العذاب (قالُوا) لموسى أي : قال فرعون بالمباشرة وأتباعه بالموافقة له : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) فنادوه بذلك في تلك الحالة لشدة شكيمتهم وفرط حماقتهم ، أو لأنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحرا (ادْعُ لَنا رَبَّكَ) أي : المحسن إليك بما يفعل معك من هذه الأفعال التي نهيتنا بها إكراما لك (بِما) أي : بسبب ما (عَهِدَ عِنْدَكَ) أي : من كشف العذاب عنا إن آمنا (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) أي : مؤمنون.
(فَلَمَّا كَشَفْنا) أي : على ما لنا من العظمة التي ترهب الجبال (عَنْهُمُ الْعَذابَ) أي : الذي أنزلناه بهم (إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) أي : فاجؤا الكشف بتجدد النكث بإخلاف بعد إخلاف.
(وَنادى فِرْعَوْنُ) أي : زيادة على نكثه (فِي قَوْمِهِ) أي : الذين هم في غاية القيام معه وأمر كلا منهم أن يشيع قوله إشاعة تعم البعيد والقريب فتكون كأنها مناداة إعلاما بأنه مستمر على الكفر لئلا يظن بعضهم أنه رجع فيرجعون.
ولما كان كأنه قيل : بم نادى أجاب بقوله : (قالَ) أي : خوفا من إيمان القبط لما رأى من أن ما شاهدوه من باهر الآيات مثله يزلزل ويأخذ القلوب (يا قَوْمِ) مستعطفا بإعلامهم أنهم لحمة واحدة ومستنهضا بوصفهم بأنهم ذو قوة على ما يحاوله مقررا لهم على عذره في نكثه بقوله : (أَلَيْسَ لِي) أي : وحدي (مُلْكُ مِصْرَ) أي : كله فلا اعتراض علي من بني إسرائيل ولا غيرهم