وجد الجام عند قوم بمكة ، فقالوا : ابتعناه من تميم وعدى ، فقام أولياء السهمى فأخذوا الجام ، وحلف رجلان منهم بالله أن هذا جام صاحبنا ، وشهادتنا أحق من شهادتهما ، فنزلت هذه الآية والتى بعدها (١). ومعنى الآية : ليشهدكم عند الموت ذوا عدل منكم ، أى من المسلمين (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) يعنى من أهل الذمة عند فقد المسلمين (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) أى سافرتم. و (الصَّلاةِ) صلاة العصر. وهو وقت يعظمه أهل الأديان. و (ارْتَبْتُمْ) بمعنى شككتم فى شهادتهما ، فإن حلفا مضت شهادتهما.
١٠٧ ـ (فَإِنْ عُثِرَ) أى ظهر (عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) بحنثهما فى اليمين (فَآخَرانِ) أى قام فى اليمين مقامهما آخران من قرابة الميت (٢). (الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أى منهم (الْأَوَّلِينَ) وهما الوليان يقال : هذا الأولى بفلان ، ثم يحذف بفلان ، فيقال : هذا الأولى. فيحلفان بالله لقد ظهرنا على خيانة الذميين ، وما اعتدينا عليهما ولشهادتنا أصح لكفرهما وإيماننا.
١٠٨ ـ (ذلِكَ) الذى حكمنا به من رد اليمين (أَدْنى) أى أقرب إلى إتيان أهل الذمة الشهادة على وجهها ، أى على ما كانت ، وأقرب إلى أن يخافوا (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ) أولياء الميت (بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) فيحلفوا على خيانتهم ، فيفتضحوا ويعزموا فلا يحلفوا كاذبين (وَاتَّقُوا اللهَ) أن تحلفوا كاذبين (وَاسْمَعُوا) الموعظة (٣).
١٠٩ ـ واتقوا (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ. لا عِلْمَ لَنا) إلا ما أنت أعلم به. وقال ابن عباس : إذا زفرت جهنم طاشت عقولهم فقالوا : لا علم لنا ،
__________________
(١) انظر : البخارى ـ الوصايا ـ باب (٣٥) ، ج (٣ / ١٩٨) ، وجامع الأصول (٢ / ١٢٩ ، ١٣٠) ، وتفسير الطبرى (٧ / ٦٧) ، وتفسير القرآن للماوردى (١ / ٤٩٥) ، وزاد المسير (٢ / ٤٤٤) ، وتفسير القرطبى (٦ / ٣٤٦) ، وتفسير ابن كثير (٢ / ١١١) ، ولباب النقول للسيوطى (٩٩) ، والدر المنثور للسيوطى (٢ / ٣٤١).
(٢) انظر : زاد المسير (٢ / ٤٤٩) ، وتفسير القرطبى (٦ / ٣٥٨).
(٣) انظر : زاد المسير (٢ / ٤٥٣).