** (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) : هذا القول الكريم هو نهاية الآية الكريمة الثالثة والأربعين بمعنى : وأفئدتهم خلاء خالية من الفهم والإدراك من الدهشة والحيرة في ذلك اليوم فلا عقول لهم وهو اسم بمعنى : الخالي ويطلق على الشيء الخالي .. وعلى الجو وجمعه : أهوية : وهو ما بين السماء والأرض ويرسم بالألف الممدودة بعدها همزة وكل خال هو هواء كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا وتأتي لفظة «هواء» مصدرا للفعل «هوى ـ يهوي ـ هويّا» ـ بضم الهاء وفتحها .. وهواء. وهو من باب «ضرب» معناه : سقط من أعلى إلى أسفل وهذا الباب يكون مضارعه مكسور ما قبل الآخر «يضرب» أي يهوي أما الفعل الآخر «هوي» بمعنى أحبّ فهو من باب «صدي» ويكون مضارعه مفتوح ما قبل الآخر «يصدى» أي يهوى. فاللفظتان «هوى .. هوي» مختلفتان في المعنى ولكلّ منهما باب في الميزان الصرفيّ وبعد معرفة باب أي منهما يتبيّن معناه.
** (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة السادسة والأربعين. المعني : وقد احتال هؤلاء الكافرون لإبطال الإسلام والمكر في «وعند الله مكرهم» معناه : إنّ مكرهم مكتوب عنده سبحانه وسجلّ عليهم عملهم هذا ليجازيهم عليه .. لأن «المكر» محال أو مستحيل على الله ـ جلّت قدرته ـ وإنّما أسنده إلى نفسه ـ عزوجل ـ للمشاكلة بين اللفظتين أمّا في حقه سبحانه فيفسر المكر بالتدبير .. أي دبّر الله ما يبطل مكرهم أي تخييب علمهم بما يوافق الحكمة الإلهية وهو عذابهم وفي القول الكريم ما يسمّى في علم البلاغة : المشاكلة والازدواج في الكلام. وقد شبّه سبحانه رسالة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالجبال في ثباتها ورسوخها أي وما مكرهم مهما عظم بمزحزح الجبال وإنّ محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كالجبال بل أرسخ وأثبت والمراد بالجبال : رسالة النبيّ الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وما أوحي إليه فضرب زوال الجبال منه مثلا لتفاقمه وشدّته.
(لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٥١)
(لِيَجْزِيَ اللهُ) : اللام لام التعليل وهي حرف جر. يجزي : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الفعلية «يجزي الله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق ببرزوا.
(كُلَّ نَفْسٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. نفس : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(ما كَسَبَتْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. كسبت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض