جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إنّ». مقيم : صفة ـ نعت ـ للموصوف «سبيل» مجرور مثله .. وعلامة جرّهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (٧٧)
هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكرية الخامسة والسبعين. و «آية» اسم «إنّ» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
** (قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الخامسة والخمسين. أي قالوا ـ أي الملائكة ـ لإبراهيم : بشرناك بالأمر الذي لا شك فيه فلا تكن من اليائسين من رحمة الله .. و «القانطين» جمع «القانط ـ اسم فاعل ـ وفعله : قنط ـ يقنط ـ قنوطا ـ من بابي «ضرب وتعب» أو «جلس» دخل ـ طرب ـ سلم ـ بمعنى «يئس» وهو قنط وقنوط ـ فعل ـ فعول ـ بمعنى فاعل ـ وقانط. أما «قنط ـ يقنط بفتح النون في الفعلين فإنّما هو على الجمع بين اللغتين.
** (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الستين : المعنى : ما عدا امرأته فإنّها ستبقى مع الكفرة الباقين .. يقال : غبر ـ يغبر ـ الشيء ـ غبورا ـ من باب «دخل» بمعنى : بقي ويأتي بمعنى : مضى .. فهو من الأضداد ـ أي لها معنيان متضادان .. وفي استثناء «إلا امرأته» آراء متعددة تطرقت إليها كتب التفسير ارتأيت ـ من باب إحاطة القارئ الكريم علما بها ـ أن أذكر أوجه إعرابها استزادة في الفائدة .. فقد قيل إنّ «امرأته» استثنيت من الضمير المجرور في قوله «لمنجّوهم» وهو ليس من الاستثناء في شيء لأن الاستثناء من الاستثناء إنّما يكون فيما اتّحد الحكم فيه كأن يقال أهلكناهم إلّا آل لوط إلّا امرأته كما اتّحد الحكم في قول المطلق : أنت طالق ثلاثا إلّا اثنتين إلّا واحدة. وفي قول المقر : لفلان عليّ عشرة دراهم إلّا ثلاثة إلّا درهما. فأمّا الآية الكريمة فقد اختلف الحكمان لأنّ «آل لوط» متعلق بأرسلنا أو بمجرمين وإلّا امرأته : قد تعلق بمنجّوهم فأنّى يكون استثناء من استثناء؟ وقيل : إنّه استثناء ردّ على استثناء.
** (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الحادية والستين .. أي فحين جاء آل لوط الملائكة المرسلون .. فحذف الموصوف «الملائكة» اختصارا وأقيم النعت ـ المرسلون ـ مقامه.
** (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة السادسة والستين أي إنّ دابر هؤلاء القوم مقطوع .. فحذفت الصفة أو البدل «القوم» اختصارا لأن ما قبله دالّ عليه. جاء في المصحف المفسّر : أي وأوحينا إلى إبراهيم أن هؤلاء سيستأصلون وهم داخلون في الصبح. القضاء فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا وكل واحد منهما على وجهين : إلهي وبشري .. فمن القول الإلهي قوله : وقضى ربّك أن لا تعبدوا إلّا إياه : أي أمر بذلك. وقوله : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي أعلمناهم وأوحينا إليهم ومنه الآية الكريمة المذكورة آنفا. والدابر : الأصل. وقطع الدابر كناية عن الاستئصال : وهو قلع الشيء من أصله.