** (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الثامنة والستين .. أي إنّ هؤلاء ضيوفي لأن «الضيف» مصدر في الأصل يطلق على المفرد والجمع ومثله «الضيافة» وهي أيضا اسم من الفعل «ضاف» ويقال : هذا رجل ضيفن : أي يجيء مع الضيف متطفّلا والنون زائدة. قال الشاعر :
والضيف أكرمه فإنّ مبيته |
|
حقّ ولا تك لعنة للنزّل |
واعلم بأنّ الضيف مخبّر أهله |
|
بمبيت ليلته وإن لم يسأل |
ويقال : إنّ أول من هشم الثريد للضيف في زمن الجوع والفقر هو هاشم بن عبد مناف فسمّي لذلك هاشما ـ اسم فاعل ـ للفعل «هشم» بمعنى : كسر ومنه القول : هشم الرجل الثريد لضيفه بمعنى : كسر الخبز وفتّه وبلّه بالمرق فجعله ثريدا فالخبز مثرود وثريد ـ صيغة فعيل بمعنى مفعول ـ.
** (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) : في هذا القول الوارد في الآية الكريمة السبعين يكون التقدير : عن ضيافة العالمين .. فحذف المضاف «ضيافة» اختصارا لأن ما سبقه يدل عليه وحلّ المضاف إليه «العالمين» محلّه.
** (قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الحادية والسبعين وفيه حذف المشار إليه اختصارا لأنه معلوم التقدير : هؤلاء النساء بناتي والمحذوف هو «النساء».
** (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الثانية والسبعين. و «يعمهون» بمعنى : يتحيرون .. والعمه للبصيرة كالعمى للبصر .. يقال : عمه ـ يعمه ـ عمها .. من باب «طرب» بمعنى : تحيّر وتردد فهو عمه وعامه. وهم عمّه. و «العمه» بفتح العين والميم : هو التحيّر والتردد .. وقد خصّوا القسم بفتح عين «عمر» لإيثار الأخفّ منه وذلك لأنّ الحلف كثير الدور على ألسنتهم .. ولذلك حذفوا الخبر .. يقول الزمخشريّ : لعمرك : على إرادة القول .. أي قالت الملائكة للوط ـ عليهالسلام ـ : لعمرك. وقيل الخطاب لرسول الله محمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وإنّه سبحانه أقسم بحياته إكراما لمنزلته .. وما أقسم سبحانه بحياة أحد قطّ كرامة له عليه أفضل الصلاة والسلام. و «عمر» بفتح العين وسكون الميم في الأصل : مصدر الفعل : عمر ـ يعمر عمرا وعمرا ـ من باب «فهم» بمعنى : عاش زمانا طويلا .. أي طال عمره فهو عامر .. ـ اسم فاعل ـ وبه سمّي تفاؤلا وبالمضارع «يعمر» سمّي أيضا ومنه «يحيى بن يعمر» أمّا الفعل «عمر ـ يعمر» ـ نحو : عمر المنزل بأهله عمرا وهو من باب «قتل» فهو عامر ـ اسم فاعل أي كان مسكونا. أمّا لفظة «عمرو» فالواو فيها وضعت للتفريق بين هذا الاسم واسم «عمر» و «عمر» اسم معدول عن اسم الفاعل «عامر» و «عمر» اسم علم ممنوع من الصرف ومثله «عمرو» وتلحق بهذا الاسم الواو رفعا وجرا وفي حالة النصب تحذف الواو.
** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) : التقدير والمعنى : إنّ في ذلك العذاب لعبرة للمؤمنين وحذفت الصفة أو البدل المشار إليه «العذاب» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وكذلك حذفت في الآية الكريمة الخامسة والسبعين : إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين .. أي إنّ في ذلك العذاب النازل في قوم لوط لدلالات على قدرة الله تعالى .. و «المتوسّمين» أي المتفكرين المتفرسين الذين يعرفون حقيقة الشيء بسمته .. أي بعلامته .. يقال : وسم ـ يسم ـ وسما وسمة : أي جعل له علامة وهو من باب وعد.