** (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) : أي فإذا جاء وعد عقوبة المرة الآخرة .. فحذف المضاف إليهما الأول «عقوبة» والثاني «المرة» وهو موصوف فأقيم النعت أو الصفة «الآخرة» مقام المحذوفين.
** (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثامنة أي جعلنا جهنم محبسا للكافرين لا يستطيعون الخروج منه وقيل : جعلناها لهم بساطا. يقال : حصره يحصره ـ حصرا .. بمعنى : أحاط به ومنعه من المضيّ لأمره وهو من باب «قتل» وقال ابن السكّيت وثعلب : حصره العدوّ في منزله : بمعنى : حبسه. وأحصره المرض : أي منعه من السفر. وقال الفراء : هذا هو كلام العرب وعليه أهل اللّغة وقال ابن القوطية وأبو عمرو الشيباني : حصره العدوّ والمرض وأحصره .. كلاهما بمعنى : حبسه. وقيل : الحصير : هو الحبس وحصير الأرض هو وجهها وجمعها : حصر ـ بضم الحاء والصاد ـ وتأنيثها بالهاء «أي حصيرة» هو لفظة عامية.
** (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة التاسعة. أي يهدي للطريقة التي أو الحالة التي أو الملّة التي هي أحسن الطرق فحذف الموصوف اختصارا وحلّ النعت ـ الصفة ـ وهو الاسم الموصول «التي» محلّه. وفي حذف الموصوف بلاغة رائعة لأنّ في إبهام الموصوف مهما قدّر ذوقا بلاغيا يفقد في إيضاحه. كما حذف المضاف إليه «الطرق» وبقي المضاف «أقوم» وحكمه أن ينوّن آخره لانقطاعه عن الإضافة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل وبوزن الفعل.
** (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الثانية عشرة تشبيه رائع وتصوير دقيق بمعنى : جعلنا نيري الليل والنهار معجزتين يريد سبحانه بهما الشمس والقمر بعد أن جعل آية الليل حاجبة أو محجوبا ضياؤها أي ضياء الشمس ونورها بمعنى : جعلنا الليل ممحوّ الضوء مطموسه مظلما لا يستبان فيه شيء وهو إعجاز واضح وفي القول الكريم حذف مفعول «جعلنا» نيري وأقيم المضاف إليه «الليل والنهار» مقام المفعول المضاف وانتصب انتصابه على المفعولية.
** (وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) : التقدير : ولتعلموا جنس الحساب. فحذف المفعول المضاف «جنس» وحلّ المضاف إليه «الحساب» أو وحساب الشهور والأيام وبعد حذف المضاف إليه «الشهور والأيام» عوّض المضاف «حساب» عن حذف المضاف إليه بالألف واللام.
** (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) : أي عمله وما كتب له كأنّه طيّر إليه من الغيب. و «الطائر» على صيغة اسم الفاعل من ـ طار ـ يطير ـ طيرانا. وجمع «الطائر» هو «طير» وجمع «الطير» : طيور أو أطيار. وقال أبو عبيدة وقطرب : ويقع «الطير» على الواحد ـ المفرد ـ والجمع وقال ابن الأنباريّ : الطير : جماعة. وتأنيثها أكثر من التذكير ولا يقال للواحد : طير بل طائر وقلّما يقال للمؤنث : طائرة. و «طائر الإنسان» هو عمله الذي يقلّده. ويقال : تطيّر الرجل من الشيء واطّيّر منه : أي تشاءم. والاسم هو «الطيرة» بكسر الطاء وفتح الياء أي التشاؤم.
(اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٤)
(اقْرَأْ كِتابَكَ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. كتابك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.