العزلةَ وينغلق على ذاته ، في عالمٍ مشحونٍ بالمتغيّرات والتبدّلات ، والتي من المفروض أن تكون لها دلالةٌ واضحةٌ على الإبداع الثقافي والمعرفي ، والذي هو حالةُ وعيٍ أكيدة يحاكي فيها المبدعُ الأشياء ، وإن كان يعيش في حالة لأوعي أثناء اللّحظة المبدعة.
وهكذا ابتعدنا كثيرا عن هذا العالم ، وصار كلّ واحد منا ـ سواء أكان المبدع أم الجمهور ـ يتّهم الآخر بأنّه هو السبب وراء كلّ هذا التيه الذي نعيشه.
فالشاعر يتّهم الجمهور بعدم الاهتمام بالسموِّ والارتقاء إلى مستوى النص ، وعدم إتعاب نفسه حتى يتسلّح ويتزوّد بأدواة الشاعر وما يرمي إليه حين استعمال هذا الرمز أو هذا التركيب ، ومن خلالهما يتعين عليه التخصّص بأدواة كلّ شاعر ، وإلّا عاش المتيه ، وما من أحدٍ له القدرة على إعادته.
والجمهور ، بما فيهم الناقد الذي هو عادة متلقٍ من نوع خاص ، يأخذ باللائمة على المبدع ، والغريب أن النقد أصبح هو الآخر نصّاً مقابل النصّ الإبداعي الشعري ، ودونك كلام عبد العزيز حمودة عند حديثه عن كمال أبو ديب في (المرايا المحدّبة : ص ١٨) :
«ولكنني ـ والحق يقال ـ توقفت كثيراً عند