مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة ، واقرءوا إن شئتم (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فأيما مؤمن ترك مالا فلترثه عصبته من كانوا ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه». عصبة الميت من يرثه سوى من له فرض مقدر وقوله أو ضياعا أي عيالا وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا ، وإن كسرت الضاد كان جمع ضائع.
قوله تعالى (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) يعني أمهات المؤمنين في تعظيم الحرمة وتحريم نكاحهن على التأبيد لا في النظر إليهن والخلوة بهن ، فإنه حرام في حقهن كما في حق الأجانب ولا يقال لبناتهن هن أخوات المؤمنين ولا لإخوانهن وأخواتهن هن أخوال المؤمنين وخالاتهم. قال الشافعي تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر وهي أخت عائشة أم المؤمنين ولم يقل هي خالة المؤمنين ، وقيل إن أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم كن أمهات المؤمنين والمؤمنات الرجال والنساء وقيل كن أمهات الرجال دون النساء ، بدليل ما روي عن مسروق أن امرأة قالت لعائشة يا أمه. فقالت لست لك بأم إنما أنا أم رجالكم. فبان بذلك أن معنى الأمومة إنما هو تحريم نكاحهن (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) يعني في الميراث قيل كان المسلمون يتوارثون بالهجرة ، وقيل آخى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين الناس فكان يؤاخي بين الرجلين فإذا مات أحدهما ورثه الآخر دون عصبته ، حتى نزلت (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) وقيل في معنى الآية لا توارث بين المسلم والكافر ولا بين المهاجر وغير المهاجر (فِي كِتابِ اللهِ) أي في حكم الله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الذين آخى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهم (وَالْمُهاجِرِينَ) يعني أن ذوي القرابات أولى بعضهم ببعض فنسخت هذه الآية الموارثة بالمؤاخاة والهجرة وصارت الموارثة بينهم بالقرابة (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) يعني الوصية للذين يتولونه من المعاقدين ، وذلك أن الله تعالى لما نسخ التوارث بالخلف والإخاء والهجرة ، أباح أن يوصي لمن يتولاه بما أحب من ثلث ماله ، وقيل أراد بالمعروف النصر وحفظ الحرمة بحق الإيمان والهجرة ، وقيل معناه إلا أن توصوا إلى قرابتكم بشيء وإن كانوا من غير أهل الإيمان والهجرة (كانَ ذلِكَ) أي الذي ذكر من أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض (فِي الْكِتابِ) أي في اللوح المحفوظ وقيل في التوراة (مَسْطُوراً) أي مكتوبا مثبتا. قوله تعالى :
(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩))
(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) أي على الوفاء بما حملوا وأن يصدق بعضهم بعضا ويبشر بعضهم ببعض ، وقيل على أن يعبدوا الله ويدعوا الناس إلى عبادته وينصحوا لقومهم (وَمِنْكَ) يعني يا محمد (وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) خص هؤلاء الخمسة بالذكر من بين النبيين لأنهم أصحاب الكتب والشرائع وأولو العزم من الرسل ، وقدم النبي صلىاللهعليهوسلم في الذكر تشريفا له وتفضيلا. ولما روى البغوي بإسناد الثعلبي عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث». قال قتادة وذلك قول الله (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) فبدأ به صلىاللهعليهوسلم (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) أي عهدا شديدا على الوفاء بما حملوا من تبليغ الرسالة (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) يعني أخذ ميثاقهم لكي يسأل الصادقين يعني النبيين عن تبليغهم الرسالة والحكمة في سؤالهم مع علمه سبحانه وتعالى صادقون تبكيت من أرسلوا إليهم وقيل ليسأل الصادقين عن صدقهم عن عملهم لله عزوجل وقيل ليسأل الصادقين بأفواههم عن صدقهم في قلوبهم (وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) وذلك حين حوصر المسلمون مع النبي صلىاللهعليهوسلم بالمدينة أيام الخندق (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) يعني الأحزاب وهم قريش وغطفان ويهود قريظة والنضير (فَأَرْسَلْنا