فما هو ردّكم عليها؟ لكم منّي كلّ شكر وامتنان على ما تقدّموه.
ج : نقل لنا التاريخ أنّ الإمام عليّاً عليهالسلام لم يمدّ يده إلى البيعة ، إلّا بعد إلحاح الجماعة ـ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ـ والصحابة في الطليعة ، وفيهم طلحة والزبير.
وبعد أن تمّت البيعة للإمام عليهالسلام كتب لمعاوية رسالة مع جرير بن عبد الله البجلي ، جاء فيها : «إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ» ، فكأنّما يريد عليهالسلام أن يقول له : يا معاوية أنت تعترف بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان ، لأنّها تمّت ببيعة المهاجرين والأنصار ، وعلى ما تعترف به وتذهب إليه ، فقد بايعني القوم ، فلزمتك بيعتي وأنت بالشام ، فبايع كما بايع القوم.
«فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ» ويرفض ويعترض إذا تمّت البيعة من أكثرية الصحابة وغيرهم.
«وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدّ» بيعة الإمام الذي بايعه القوم.
«وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأنصار» ، فكأنّما يريد عليهالسلام أن يقول له : يا معاوية ألست تعتقد بالشورى وتحتجّ بها؟ ألست تعتقد بالإجماع وتحتجّ به؟ فقد بُويعت بمشورة المهاجرين والأنصار ، وقد تمّت البيعة لي بإجماع المسلمين.
«فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً» هذا ما تعتقده ، فلماذا لا تبايع؟ وكما يقول المثل : ما عدا ممّا بدا؟
إذاً ، قال عليهالسلام هذا الكلام على مقتضى عقيدة القوم ، ومن باب «ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم» ، وإلّا فإمامته كانت ثابتة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله بلا فصل ، بالنصّ الصادر منه على ما أفاضت إليه الأدلّة اليقينية المستفيضة في مظانّها.