يسيرة ، ودُفنت في المدينة ، وقيل : إنّها دُفنت في الشام.
وأمّا بالنسبة إلى سيرتها ، فقد شهدت مأساة كربلاء مع أُختها السيّدة زينب عليهاالسلام ، ورافقتها من البداية وحتّى النهاية ، واسمها يلمع دائماً في الحديث عن كربلاء ، وما تلاها من المشاهد.
جاء في خبر وداع الإمام الحسين للعائلة : أنّه عليهالسلام أقبل على أُمّ كلثوم وقال لها : «أُوصيك يا أُخية بنفسي خيراً ، وإنّي بارز إلى هؤلاء».
واستغاث الإمام الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء ، فخرج الإمام زين العابدين عليهالسلام من الخيام وبيده عصا يتوكّأ عليها ، وسيفاً يجرّه في الأرض ، فخرجت أُمّ كلثوم خلفه تنادي : يا بني أرجع ، وهو يقول : «يا عمّتاه ذريني أُقاتل بين يدي ابن رسول الله» ، فقال الحسين عليهالسلام : «يا أُمّ كلثوم خذيه ؛ لئلاّ تبقى الأرض خالية من نسل آل محمّد صلىاللهعليهوآله» (١).
دخلت أُمّ كلثوم الكوفة في عهد أبيها أمير المؤمنين عليهالسلام بعد أن جعلها عاصمة دولته ، فكانت في نظر أهلها ابنة قائد المسلمين وأميرهم.
ودخلتها بعد واقعة كربلاء أسيرة ، ليس معها مَن يحميها ، اشتدّ على أُمّ كلثوم الحزن ، وأقض بها المصاب ، وهي تشاهد الموكب الحزين ـ موكب أسرى آل محمّد ـ وزاد في ألمها أن تجد أهل الكوفة يناولون الأطفال بعض التمر والخبز والجوز ، فصاحت بهم : «يا أهل الكوفة! إنّ الصدقة علينا حرام» ؛ وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به إلى الأرض (٢).
ثمّ انفجرت بخطبتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت : «يا أهل الكوفة سوأة لكم! ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه ، وانتهبتم أمواله وورثتموه ، وسبيتم نساءه ونكبتموه ، فتبّاً
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٤٥ / ٤٦.
٢ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٨٦.