رجعة الأموات إلّا ملحد وخارج عن أقوال أهل التوحيد ؛ لأنّ الله تعالى قادر على إيجاد الجواهر بعد إعدامها ، وإذا كان عليها قادراً جاز أن يوجدها متى شاء» (١).
وقال الآلوسي : «وكون الإحياء بعد الإماتة ، والإرجاع إلى الدنيا من الأُمور المقدورة له عزّ وجلّ ، ممّا لا ينتطح فيه كبشان ، إلّا أنّ الكلام في وقوعه» (٢).
فإذا كان إمكان الرجعة أمراً مسلّماً به عند جميع المسلمين ، فلماذا الشكّ والاستغراب لوقوع الرجعة؟! ولماذا التشنيع والنبز بمَن يعتقد بها ؛ لورود الأخبار الصحيحة المتواترة عن أئمّة الهدى عليهمالسلام بوقوعها؟
قال تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ... (٣).
فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة ، تدلّ على أنّ هؤلاء ماتوا مدّة طويلة ، ثمّ أحياهم الله تعالى ، فرجعوا إلى الدنيا ، وعاشوا مدّة طويلة.
فإذا كانت الرجعة قد حدثت في الأزمنة الغابرة ، فلم لا يجوز حدوثها في آخر الزمان : سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ... (٤).
وقال تعالى : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ ... (٥).
__________________
١ ـ رسائل المرتضى ٣ / ١٣٥.
٢ ـ روح المعاني ١٠ / ٢٣٧.
٣ ـ البقرة : ٢٤٣.
٤ ـ الأحزاب : ٦٢.
٥ ـ البقرة : ٢٥٩.