ج : إنّ سؤالك يعطي انطباعاً عن الشيعة أنّهم لا يعترفون بعدالة الصحابة على الإطلاق ، وهذا غير صحيح ، ومجانب للواقع ، فليس الأمر كما تتصوّرين ، أو يتصوّره البعض ، فالشيعة يقولون في حقّ الصحابة ما يلي :
إنّ الله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ، وشرّع له شريعة ليبلّغها إلى المسلمين ، فقال : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (١) ، فمَن التزم بهذه الشريعة ـ بكلّ أبعادها من الأوامر والنواهي ـ فهو مسلم بحقّ ، ويجب على جميع المسلمين احترامه وتقديره والترحّم عليه.
ثمّ من ضيّع هذه الأوامر أو بعضها ، فإن كان عن جهلٍ وقصور فهو معذور ، وإن كان عن عمدٍ وعنادٍ واستخفافٍ بأوامر الله ورسوله ، فهو وإن لم يخرج عن الإسلام ـ إذا بقي ملتزماً بالشهادتين ـ لكن يُعتبر خارجاً عن طاعة الله ورسوله ، وموجباً للحكم عليه بالفسق ، وهذا أمر نعتقد أنكِ توافقين عليه.
وهنا نقول : إنّ من ضمن الأوامر التي أمرنا الله ورسوله باتّباعها والالتزام بها هي قوله تعالى : قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (٢).
فمودّة أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله من الواجبات على كلّ مسلم بنصّ القرآن الكريم والسنّة القطعية ، والتارك لها مخالف لأمر الله تعالى ، كما أنّ التارك لغيرها من الواجبات ـ كالصلاة والصوم وغيرهما ـ يعتبر فاسقاً عند المسلمين كافّة.
وعلى كُلّ حال ، فالإشكال في أنّ جميع الصحابة عدول والبحث في الكلّية ، لأنّ الصحابي مَن رأى الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولا يوجد دليل صحيح صريح يقول بعدالة كلّ هؤلاء ، بل نجري قواعد الجرح والتعديل عليهم.
__________________
١ ـ المائدة : ٦٧.
٢ ـ الشورى : ٢٣.