من الأحبار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمّد ، إنّا نجد أنّ الله يجعل السماوات على إصبع من أصابعه ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ، ثمّ قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآله : وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (١).
قال ابن بطوطة في رحلته : «وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة ، تقي الدين بن تيمية ، كبير الشام ، يتكلّم في الفنون ، إلّا أنّ في عقله شيئاً! وكان أهل دمشق يُعظّمونه أشدّ التعظيم ، ويعظهم على المنبر ، وتكلّم مرّة بأمرٍ أنكره الفقهاء ....
قال : وكنت إذ ذاك بدمشق ، فحضرته يوم الجمعة وهو يعِظ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم ، فكان من جُملة كلامه أنّ قال : إنّ الله ينزِلُ إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجةً من المنبر!
فعارضه فقيه مالكي يُعرف بابن الزهراء ، وأنكر ما تكلّم به ، فقامت العامّة إلى هذا الفقيه ، وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً ، حتّى سقطت عمامته ، وظهر على رأسه شاشية حرير ، فأنكروا عليه لباسها ، واحتملوه إلى دار عزّ الدين بن مسلم ، قاضي الحنابلة ، فأمر بسجنه ، وعزّره بعد ذلك ...» (٢).
وقد أفتى ابن باز في فتاويه : «التأويل في الصفات منكر ولا يجوز ، بل يجب إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها الّلائق بالله جلّ وعلا ، بغير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل» (٣).
__________________
١ ـ الزمر : ٦٧.
٢ ـ رحلة ابن بطّوطة : ٩٥.
٣ ـ مجموع فتاوى ابن باز ١ / ٢٩٧.