فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ (١) ، وهناك مَن يقول : بأنّ الله يُميت ويُفني كلّ ما خلق ، لكي يبرهن قدرته على فناء كلّ شيء ، أرجو الإجابة مع جزيل الشكر.
ج : قد روى الشيخ الحرّ العاملي بإسناده عن أبي المغرا قال : «حدّثني يعقوب الأحمر قال : دخلنا على أبي عبد الله عليهالسلام نعزّيه بإسماعيل ، فترحّم عليه ثمّ قال : إنّ الله عزّ وجلّ نعى إلى نبيه صلىاللهعليهوآله نفسه ، فقال : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ، وقال : كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ، ثمّ أنشأ يُحدّث فقال :إنّه يموت أهل الأرض حتّى لا يبقى أحد ، ثمّ يموت أهل السماء حتّى لا يبقى أحد ، إلّا ملك الموت ، وحملة العرش ، وجبرائيل ، وميكائيل.
قال : فيجيء ملك الموت حتّى يقوم بين يدي الله عزّ وجلّ ، فيقول له : مَن بقى؟ ـ وهو أعلم ـ فيقول : يا ربّ لم يبق إلّا ملك الموت ، وحملة العرش وجبرائيل وميكائيل ، فيقال له : قل لجبرائيل وميكائيل فليموتا ، فتقول الملائكة عند ذلك : يا ربّ رسوليك وأمينيك! فيقول : إنّي قد قضيت على كلّ نفس فيها الروح الموت.
ثمّ يجيء ملك الموت حتّى يقف بين يدي الله عزّ وجلّ ، فيقال له : مَن بقى؟ ـ وهو أعلم ـ فيقول : يا ربّ لم يبق إلّا ملك الموت ، وحملة العرش ، فيقول : قل لحملة العرش فليموتوا ، قال : ثمّ يجيء مكتئباً حزيناً لا يرفع رأسه ، فيقول : مَن بقي؟ فيقول : يا ربّ لم يبق إلّا ملك الموت ، فيُقال له : مت يا ملك الموت ، ثمّ يأخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه ـ أي بقدرته ـ ويقول : أين الذين كانوا يدّعون معي شريكاً؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلهاً آخر؟» (٢).
إذاً ، بموجب هذه الرواية والروايات الأُخرى الواردة في ذيل قوله تعالى : كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ (٣) أنّ الملائكة أيضاً تموت.
__________________
١ ـ الرحمن : ٢٦ ـ ٢٧.
٢ ـ الفصول المهمّة ١ / ٢٩٧.
٣ ـ آل عمران : ١٥٨.