قوله تعالى : (ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) جواب قول الكفّار أنّ الأصنام شفعاؤنا عند الله ، فبيّن الله تعالى ما من ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل يشفع لأحد إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ، فكيف تشفع الأصنام التي ليس لها عقل وتمييز.
قوله تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ؛) أي الذي يفعل ما هو المذكور في هذه الآية من خلق السّموات والأرض وتدبير الخلق هو الله خالقكم ورازقكم ، (فَاعْبُدُوهُ ؛) ولا تعبدوا الأصنام فإنّها لا تستحقّ العبادة ، وقوله تعالى : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٣) ؛ أي هل تتّعظون بالقرآن.
قوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا ؛) أي إلى الله سبحانه رجوعكم جميعا ، وانتصب قوله : (جَمِيعاً) على الحال ، وقوله : (وَعْدَ اللهِ) نصب على المصدر ؛ أي وعد الله وعدا ، والمعنى وعد الله البعث بعد الموت وعدا حقّا كائنا لا شكّ فيه.
قوله تعالى : (إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ؛) أي يخلقكم في بطون أمّهاتكم نطفا ، ثم علقا ثم مضغة ثم عظاما ، ثم يخرجكم نسما للتّمام ، ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم ثم يبعثكم بعد الموت ، وفي هذا بيان أن خلق الشيء على الترتيب حال بعد حال أدلّ على الترتيب من خلقه جملة واحدة في ساعة واحدة.
قوله تعالى : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ ؛) فيه بيان أن البعث للجزاء ؛ لنجزيهم بالعدل لئلّا ننقص من ثواب محسن ، ولا نزيد على عقاب مسيء ، بل يجازي كلّا على قدر عمله كما قال (جزاء وفاقا) (١). قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ ؛) أي من ماء حارّ قد انتهى حرّه ، (وَعَذابٌ أَلِيمٌ ؛) وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم ، (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٤) ؛ بالكتب والرسل.
__________________
(١) النبأ / ٢٦.