وقوله تعالى : (إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ؛) قيل : كان التنازع في أن قال بعضهم لبعض إنّهم قد ماتوا في الكهف ، وقال بعضهم : بل ناموا كما ناموا من قبل ، وسيوقظهم الله من بعد.
وقيل : كانوا يتنازعون في البناء كما قال تعالى : (فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً ؛) أي قال بعضهم : نبني عليهم بنيانا كما تبنى المقابر ؛ كي يستروهم عن الناس ، وقال بعضهم : بل نبني في هذا الموضع مسجدا يعبد الله فيه ، وهو قول الذين غلبوا على أمرهم وهم رؤساؤهم.
قوله تعالى : (رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) (٢١) ؛ أي أعلم بلبثهم ورقادهم وأحوالهم ؛ لأنّ قوم الملك تنازعوا في قدر مكثهم في الكهف ، وفي عددهم وفي ما يفعلون بعد ذلك.
قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ؛) أي وذلك أنّ أهل الكتاب الذين سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أهل هذه الصفة يختلفون في عددهم. روي أنّ السيد والعاقب وأصحابهما من النّصارى وأهل نجران كانوا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكروا أصحاب الكهف ، فقال السيد : كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم ، وقال العاقب : كانوا خمسة سادسهم كلبهم ، (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ ؛) أي ظنّا من غير يقين كأنّهم يرجمون بالغيب بالقول فهم بالغيبة عنهم ، وقال المسلمون : كانوا سبعة وثامنهم كلبهم. (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ.)
وقال بعضهم : هذه الواو واو الثّمانية ، وذلك أن العرب تقول : واحد اثنان ثلاثة أربعة ستّة سبعة وثمانية ؛ لأن العدد عندهم سبعة ، كما هو اليوم عندنا عشرة ، ونظيره قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) إلى قوله (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(١) وقوله في صفة أهل الجنّة (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها)(٢) وقوله في أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم (وَأَبْكاراً)(٣).
__________________
(١) التوبة / ١١٢.
(٢) الزمر / ٧٣.
(٣) التحريم / ٥. في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٠ ص ٣٨٢ ؛ قال القرطبي : (وقالت فرقة منها ابن خالويه : هي (واو) الثمانية. وحكى الثعالبي عن أبي بكر بن عياش : أن قريشا كانت تقول في