أي نعم (١). وقد ذكر أهل النحو لتصحيح هذه القراءة وجوها :
أحدها : ضعف عمل (إن) لأنّها تعمل بالمشبّه بالفعل وليست بأصل في العمل ، ألا ترى أنّها لمّا خففت لم تعمل.
والثاني : أنّها تشبه (اللّذين) في البناء ؛ لأن (اللّذين) في الرفع والنصب والخفض سواء ، ولأنّ الألف في (هذانِ) ليس ألف التشبيه لوجودها في الوحدان ، وإنّما زيدت النون في التثنية ليكون فرقا بين الواحد والاثنين ، كما قالوا (الّذي) ثم زادوا نونا تدلّ على الجمع ، قالوا (الّذين) في رفعهم ونصبهم.
والثالث : (إن) ها هنا مخففة وليست مضمرة إلّا أنه حذفت الهاء.
والرابع : أنه لمّا حذفت الألف صارت ألف التثنية عوضا منها.
والخامس : أنّ (إن) بمعنى نعم (٢).
وقوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ؛) قرأ أبو عمرو (فاجمعوا) بوصل الألف وفتح الميم من الجمع ، وتصديقه قوله تعالى : (فَجَمَعَ كَيْدَهُ ،) وقرأ الباقون (فَأَجْمِعُوا) بقطع الألف وكسر الميم ، مأخوذ من أجمعت الأمر إذا عزمت عليه وأحكمته.
وقوله تعالى (كَيْدَكُمْ) أي مكركم وسحركم ، وقوله تعالى : (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ؛) مجتمعين ؛ ليكون أنظم لأموركم ، وأشدّ لهيبتكم. وقيل : معناه : ثم ائتوا المصلّى. والعرب تسمّي المصلّى صفّا. قال الزجّاج : (فعلى هذا معناه : ثمّ ائتوا الموضع الّذي تجتمعون فيه لعيدكم). قوله تعالى : (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) (٦٤) ؛ أي قد فاز بالفلاح والبقاء من كانت الغلبة له.
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١١ ص ٢١٨ ؛ قال القرطبي : (وعلى هذا يكون جائزا أن يكون قول الله عزوجل : إِنْ هذانِ لَساحِرانِ بمعنى نعم ، ولا تنصب).
(٢) ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ٣١ ـ ٣٢. وجامع البيان للطبري : م ج ٩ ج ١٦ ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧.