ودرجات الجنة بعضها أعلى من بعض ، والعلى جمع العليا ، قال صلىاللهعليهوسلم : [إنّ أهل الدّرجات العلى ليراهم من هو أسفل منهم كأضواء كوكب درّيّ ، وإنّ أبا بكر وعمر منهم](١).
قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) (٧٦) ؛ أي من تطهّر من الذنوب بالطاعة بدلا من تدنّس النفوس بالمعصية.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي ؛) يعني أسر بهم في أوّل الليل من أرض مصر ، يعني بني إسرائيل ، (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً ؛) أي يابسا ، وذلك أنّ الله تعالى أيبس لهم ذلك الطريق حتى لم يكن فيه ماء ولا طين. قوله تعالى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) (٧٧) ؛ أي إنك آمن لا تخاف أن يدركك فرعون ، ولا تخش الغرق من البحر.
وقرأ حمزة (لا تخف) على النّهي مجزوما ، (وَلا تَخْشى) بالألف ، كأنه استأنف ، وتقديره : وأنت لا تخشى ، كقوله : (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ)(٢).
قوله تعالى : (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ؛) من قرأ (فَأَتْبَعَهُمْ) بالتخفيف فمعناه : ألحق جنوده بهم ، والباء في (جنوده) زائدة ، والمعنى : أمرهم أن يتّبعوا موسى وقومه ، ومن قرأ (فاتّبعهم) بالتشديد ، فالمعنى اتّبعهم بنفسه ومعه الجنود. قوله تعالى : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) (٧٨) ؛ أي علاهم وسترهم من البحر ما علاهم وهو الغرق.
وذلك أنّه لمّا تراءى الجمعان ، أمر الله موسى أن يضرب بعصاه البحر ، فضربه فانفلق الماء في عرض البحر حتى صار فيه اثنا عشر طريقا ، وبقي الماء قائما بين
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ٢٧. والترمذي في الجامع : كتاب المناقب : باب مناقب أبي بكر : الحديث (٢٣٥٨). وابن ماجة في السنن : الحديث (٩٦).
(٢) آل عمران / ١١١.