قوله تعالى : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) (٧٩) ؛ أي أضلّهم حين دعاهم إلى عبادته ، (وَما هَدى) أي وما أرشدهم حين أوردهم مواقع الهلكة ، وهذا تكذيب له في قوله (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ)(١).
قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ ؛) يعني فرعون أغرقه بمرأى منهم ، (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ ؛) قرأ حمزة : (نجّيتكم ... ووعدتكم ... ورزقتكم) (٢) بغير ألف.
وذلك أنّ الله وعد موسى بعد ما أغرق فرعون ليأتي جانب الطّور الأيمن فيؤتيه التوراة فيها بيان ما يحتاج إليه. (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) (٨٠) في التّيه ، (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ؛) أي من حلال ما رزقناكم من المنّ والسّلوى ، واشكروا إنعامي. قوله تعالى : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ ،) أي لا تبطروا فيما أنعمت عليكم فتتظالموا ، ولا تجاوزوا عن شكري إلى معاصيّي ، ولا تجحدوا نعمتي فتكونوا طاغين ، (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ،) أي فتجب عليكم عقوبتي. قرأ الأعمش والكسائيّ : (فيحلّ) أي فينزل.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) (٨١) ؛ أي فقد تردّ في النار. وقيل : معناه : فقد هلك وسقط في النار. وقرأ الكسائيّ : (ومن يحلل) (٣) بضمّ اللام ، قال الفرّاء : (والكسر أولى من الضّمّ ؛ لأنّ الضّمّ من الحلول وهو الوقوع ، ويحلل بالكسر يجب ، وجاء التّفسير بالوجوب لا بالوقوع) (٤).
قوله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٨٢) أي لمن تاب من الشّرك ، وآمن بالله وعمل صالحا ، ثم استقام على معرفة الله وأداء فرائضه واجتناب محارمه حتى مات على ذلك بتوفيق الله.
__________________
(١) غافر / ٢٩.
(٢) ينظر : الحجة للقراء السبعة لأبي علي الفارسي : ج ٣ ص ١٤٩.
(٣) ينظر : الحجة للقراء السبعة لأبي علي الفارسي : ج ٣ ص ١٥٠.
(٤) في معاني القرآن : ج ٢ ص ١٨٨.