العصر ، (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ ؛) يعني المغرب والعشاء ، وآناء اللّيل ساعاته.
قوله تعالى : (وَأَطْرافَ النَّهارِ ؛) يعني صلاة الظهر ، قال قتادة : (كأنّه ذهب إلى أنّه آخر النّصف الأوّل من النّهار طرف ، وأوّل النّصف الثّاني طرف). وقال الحسن : (وَقَبْلَ غُرُوبِها) : الظّهر والعصر ، (وَأَطْرافَ النَّهارِ) : صلاة التّطوّع). قوله تعالى : (لَعَلَّكَ تَرْضى) (١٣٠) ؛ قرأ الكسائيّ وأبو بكر بضمّ التاء ؛ أي تعطى الرّضى بالدرجات الرفيعة ، يرضاك الله ويسمى مرضيّا ، وتصديقه قوله تعالى : (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)(١). وقرأ الباقون (تَرْضى) بفتح التاء ؛ أي لعلّك ترضى بالثّواب والشّفاعة ، ودليل ذلك قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٢) ، والمعنى : أقم هذه الصّلوات لكي تعطى من الثواب ما ترضى (٣).
قوله تعالى : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ؛) أي لا تنظرنّ بعين الرّغبة إلى ما متّعنا به رجالا منهم زينة الحياة الدّنيا ، (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ؛) أي لنختبرهم في ما أعطيناهم من الزّينة. وقيل : لنجعله فتنة لهم وضلالا بأن أزيد لهم في النعمة ، فيزدادوا كفرا وطغيانا.
قال أبو رافع : (بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى يهوديّ ، فقال : [قل له : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثني إليك لتسلفه كذا وكذا من الدّقيق ، أو تبيعه وتصبر عليه إلى هلال رجب] فأتيته ، فقال : والله ما أبيعه ولا أسلفه إلّا برهن! فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فقال : [والله لو باعني أو أسلفني لقضيته ، وإنّي لأمين في الأرض ، إذهب بدرعي إليه] ثمّ حزن رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ذلك ، فنزلت هذه الآية كأنه يعزّيه عن الدّنيا) (٤).
__________________
(١) مريم / ٥٥.
(٢) الضحى / ٥.
(٣) ينظر : جامع البيان : ج ٩ ص ٢٩١.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٤٥٣ ـ ١٨٤٥٤). وابن أبي حاتم في التفسير : النص (١٣٥٨٧). وفي الدر المنثور : ج ٥ ص ٦١٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي شيبة وابن راهويه والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في المعرفة).