قوله تعالى : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (١٢٤) ؛ قال ابن عبّاس : (عمى البصر) ، وقال مجاهد : (أعمى عن الحجّة ؛ أي لا حجّة له يهتدي إليها) (١) ، (قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) (١٢٥) ؛ بعينيّ ، (قالَ كَذلِكَ ؛) تكون كما (أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها ؛) أي فتركتها وأعرضت عنها ، (وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) (١٢٦) ؛ أي تترك في النار.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ ؛) أي كما جزينا من أعرض عن القرآن ، كذلك نجزي من أسرف على نفسه بالمعاصي ، (وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) (١٢٧) ؛ أي أشدّ من عذاب الدّنيا وأدوم ، لأن عذاب الدّنيا ينقطع.
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ ؛) من قرأ بالياء فمعناه : ألم نبيّن ، يعني كفّار مكّة كم أهلكنا قبلهم من القرون ، والمعنى : ألم نبيّن لهم طرق الاعتبار بكثرة إهلاكنا القرون قبلهم بتكذيب الرسل فيعتبروا ويؤمنوا. وكانت قريش تتّجر إلى الشّام فترى مساكن قوم لوط وثمود وعلامات الإهلاك. ومن قرأ بالنّون فمعناه : ألم نبيّن لأهل مكة بيانا يهتدون به فيرتدعوا عن المعاصي. قوله تعالى : (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) (١٢٨) ؛ أي لذوي العقول.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (١٢٩) ؛ معناه : ولو لا كلمة سبقت من ربك في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفّار إلى يوم القيامة ، قوله (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) لكان العذاب لازما لهم ، واقعا في الحال. وتقدير الآية : ولو لا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمّى لكان لازما ؛ أي لكان العذاب لازما لهم في الدّنيا ، كما لزم القرون الماضية الكافرة.
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ؛) أي فاصبر يا محمّد على ما يقولون من الشّتم والتكذيب فسيعود عليهم وبال ذلك ، قوله تعالى : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ؛) أي صلّ صلاة الفجر ، (وَقَبْلَ غُرُوبِها) ؛ يعني صلاة
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٤٢٦).