إذا عافاني الله لأجمعنّ حطبا لإبراهيم ، وكانت المرأة تنذر في بعض ما تطلب لئن أصابته لتحطبنّ في نار إبراهيم التي يحرق فيها احتسابا لدينها (١).
قال ابن اسحق : (كانوا يجمعون الحطب شهرا ، فلما أجمعوا الحطب شعلوا في كلّ ناحية نارا ، فاشتعلت النار واشتدّت حتى أن الطائر كان إذا مرّ بها احترق من شدّة وهجها ، ثم عمدوا إلى إبراهيم وقيّدوه ، ثم اتخذوا منجنيقا ووضعوه فيه مقيّدا مغلولا.
فصاحت السموات والأرض والملائكة صيحة واحدة : يا ربّنا إن إبراهيم ليس في أرضك أحد يعبدك غيره ، أيحرق؟! فأذن لنا في نصرته ، فقال الله : إن استعاذ بشيء منكم أو دعاه فلينصره ، فقد أذنت له في ذلك ، وإن لم يدع أحدا غيري فأنا أعلم به ، فأنا وليّه ، فخلّوا بيني وبينه.
فلما أرادوا إلقاءه في النار ، أتاه خازن الماء فقال له : إن أذنت أخمدت النار ، فإن خزائن المياه والأمطار بيدي ، وأتاه خازن الرّياح وقال : إن شئت طيّرت النار في الهواء ، فقال إبراهيم : لا حاجة لي إليكم ، ثم رفع رأسه إلى السّماء وقال : اللهمّ أنت الواحد في السماء ، وأنا الواحد في الأرض ، ليس في الأرض أحد يعبدك غيري ، حسبي الله ونعم الوكيل) (٢).
وروي : أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار : لا إله إلّا أنت سبحانك ربّ العالمين ، لك الحمد ولك الملك ، لا شريك لك. قال : ثم رموا به في المنجنيق ، فاستقبله جبريل عليهالسلام وقال : يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال : أمّا إليك فلا.
قال جبريل : قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي (٣) ، فقال الله عزوجل : (قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) (٦٩) ؛ قال ابن عبّاس : (لو لم يتبع بردها
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٦١٩) عن السدي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٦١٩).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٨٦٢٧) مختصرا.