قوله تعالى : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً ؛) أي وأرادوا الحيلة في الإضرار ، (فَجَعَلْناهُمُ ؛) الكفار الذين أرادوا إحراقه ، (الْأَخْسَرِينَ) (٧٠) ؛ بأن لم يتمّ ما عزموا عليه ، وتبيّن عجزهم عن نصرهم آلهتهم ، فخسر سعيهم. وقال ابن عبّاس : (هو أنّ الله سلّط البعوض على النّمرود وجنده حتّى أخذت لحومهم وشربت دماءهم ، ووقفت واحدة في دماغه حتّى أهلكته).
قوله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) (٧١) ؛ أي نجّينا إبراهيم من كيد النمرود ، ونجّينا لوطا معه ؛ أي ورفعنا إبراهيم من الهلكة إلى الأرض المباركة وهي أرض الشّام. وسميت أرض الشام مباركة ؛ لكثرة الأنبياء الذين بعثهم الله فيها. وعن أبي العالية : (أنه ليس ماء عذب إلّا وهو يجري من الصخرة التي ببيت المقدس) (١).
قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً ؛) أي ووهبنا لإبراهيم ولده اسحق وولده يعقوب ، سمي يعقوب (نافلة) لأنه ولد ولده ، والنافلة في اللغة : زيادة على الأصل ، ونوافل : الصلاة ما تطوّع به المصلّي. ويقال : إنّهما جميعا نافلة ؛ لأنّهما عطيّة زائدة على ما تقدّم من النّعم. قال ابن عبّاس وقتادة : (سأل إبراهيم ربّه ولدا واحدا ، فقال : رب هب لي من الصّالحين ، فأعطاه الله اسحق ولدا وزاده يعقوب) ، قال ابن عبّاس : (نفله يعقوب ؛ أي زاده إيّاه على ما سأل). قوله تعالى : (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) (٧٢) ؛ يعني إبراهيم وإسحق ويعقوب ، وجعلناهم أنبياء عاملين بطاعتنا.
قوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) أي قادة في الخير ، (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ؛) أي يدعون الخلق إلى أمرنا وديننا ، (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ ؛) أي شرائع النبوّة ، وقيل : أمرناهم بفعل الخيرات ، (وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٧٣) ؛ أي خاضعين مطيعين. وإنّما قال (وإقام الصّلاة) بغير (هاء) ؛ لأن الإضافة صارت عوضا عن الهاء.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٦٣٣).