قوله تعالى : (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً ؛) أي وآتينا لوطا النبوّة والعلم ، (وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ ؛) يعني سدوم ، كان أهلها يأتون الذّكران في أدبارهم ، ويتضارطون في مجالسهم. قوله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ) (٧٤) ؛ قيل : إنّهم كانوا يعملون مع ذلك أشياء أخر من المنكرات. قوله تعالى : (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا ؛) بإنجائنا إيّاه من القوم السّوء وهلاكهم ، (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٧٥) ؛ أي من الأنبياء.
قوله تعالى : (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ ؛) أي واذكر نوحا إذ نادى ربّه من قبل إبراهيم ولوط يعني دعا على قومه بالهلاك ، فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)(١) ، (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦) ؛ ومن معه من غمّ الغرق وكربه ، والكرب أشدّ الغمّ. (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ؛) أي منعناهم من أن يصلوا اليه بسوء ، (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ ؛) أي كفارا ، (فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) (٧٧) ؛ بالطّوفان.
قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ؛) أي وأكرمنا داود وسليمان بالنبوّة والحكمة إذ يحكمان في الحرث ، وقال قتادة : (زرعا) (٢) ، وقال ابن مسعود : (كان كرما قد نبّت عنبا) (٣) ، قيّده قوله تعالى : (إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) أي وقعت فيه باللّيل ورعته وأفسدته ، والنّفش في اللغة : الرّعي بالليل ، يقال : نفشت السّائمة بالليل ، وهملت بالنهار إذا رعت ، والهمل الرعي بالنهار ، وكلاهما الرعي بلا راع (٤).
قوله تعالى : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) (٧٨) ؛ أي لا يخفى علينا منه شيء ، ولا يغيب عن علمنا ، وإنّما قال (لحكمهم) بلفظ الجمع لإضافة الحكم إلى من
__________________
(١) نوح / ٢٦.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٦٥٢).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٦٥٣).
(٤) ذكره الطبري في جامع البيان : مج ١٠ ج ١٧ ص ٧٠. والبغوي في معالم التنزيل : ص ٨٤٢.