حكم وإلى المحكوم لهم ، وقد يذكر لفظ الجمع في موضع التثنية (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)(١) أي أخوان.
قوله تعالى : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ؛) أي فهّمنا القصة سليمان دون داود ، (وَكُلًّا ؛) منهما ؛ (آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ؛) العلم والفصل بين الخصوم.
قال ابن مسعود وقتادة والزهريّ : (وذلك أنّ رجلين دخلا على داود عليهالسلام ، أحدهما صاحب حرث ، والآخر صاحب غنم ، فقال صاحب الزّرع والكرم : إنّ هذا نفشت غنمه ليلا فوقعت في حرثي ، فلم تبق منه شيئا. فقال : لك رقاب الغنم ـ وكانا في القيمة سواء ـ فأعطاه الغنم بالحرث وخرجا.
فمرّا على سليمان وهو يومئذ ابن أحد عشر سنة ، فقال : كيف قضى بينكما؟ فأخبراه ، فقال سليمان : نعم ما قضى ، وغير هذا كان أرفق بالكلّ ، ولو ولّيت أمركما لقضيت بغير ما قضى. فأخبر داود بذلك فدعا فقال : كيف تقضي بينهما؟ قال : أدفع الغنم إلى صاحب الحرث فيكون له نسلهما ورسلهما ومنافعها وسمنها وصوفها إلى الحول ، ويقوم أصحاب الغنم على الكرم حتّى يعود كهيأته يوم أفسد ، ثمّ يدفع هؤلاء إلى هؤلاء غنمهم ، ويدفع هؤلاء إلى هؤلاء كرمهم.
فقال داود عليهالسلام : نعم ما قضيت فيه ، فالقضاء قضاؤك. وحكم داود بينهم بذلك ، فقوّم بعد ذلك الكرم وما أصابوه من الغنم فوجدوه مثل ثمر الكرم) (٢) ، وهكذا روي عن ابن عبّاس (٣).
قال الحسن : (كان الحكم ما قضى به سليمان ، ولم يعف الله داود في حكمه) وهذا يدلّ على أنّ كلّ مجتهد يصيب ، وإلى هذا ذهب بعض الناس فقالوا : إذا نفشت الغنم ليلا في الزرع فأفسدته ، كان على صاحب الغنم ضمان ما أفسدته ، وإن كان نهارا
__________________
(١) النساء / ١١.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٨٦٥٥) عن ابن مسعود مختصرا ، والأثر (١٨٦٦٢) عن قتادة والزهري.
(٣) ينظر : جامع البيان : ج ١٠ ص ٦٧ ـ ٦٨.