على اللّسان حذفه ، كما فعل ذلك في (ألّا) فحذفوا النّون من (أن لا) لخفائها إذا كانت مدغمة في اللّام) (١).
وقوله تعالى : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) (٨٩) ؛ أي واذكر دعاء زكريّا إذ نادى ربّه فقال رب لا تتركني وحيدا ؛ أي ارزقني ولدا آنس به ويعينني على أمر الدّين والدّنيا ، ويقوم بأمر الدين بعد وفاتي ، وأنت وارث جميع الخلق ؛ لأنّ مردّهم صائرون إليك. قوله تعالى : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ ؛) أي فأجبنا له دعاءه هذا ، (وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ ؛) عقر امرأته ، قال قتادة : (كانت عقيما فجعلناها ولودا) (٢) ، وقيل : كانت سيّئة الخلق فرزقها الله حسن الخلق.
وقوله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ ؛) أي يبادرون إلى الطاعات مخافة أن يعرض لهم ما يشغلهم عنها ، ويعني بذلك زكريّا وامرأته ويحيى ، وقال بعض المفسّرين : الكناية تعود على الأنبياء الذين ذكرهم الله في هذه السورة. قوله تعالى : (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً ؛) أي طمعا في ثوابنا وخوفا من عقابنا ، (وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) (٩٠) ؛ أي خاضعين حذرين.
قوله تعالى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها ؛) وهي مريم بنت عمران ، (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا ؛) أي نفخ جبريل في جيب درعها بأمرنا ، والمعنى : واذكر التي حفظت فرجها مما لا يحلّ.
وقوله تعالى : (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) (٩١) ؛ أي دلالة للعالمين من حيث أنّها جاءت بالولد من غير بعل ، تكلّم في المهد بما يوجب براءة شأنها من العيب ، وفي ذلك دليل على مقدورات الله ، وعلى هذا لم يقل آيتين ؛ لأنّ شأنهما في الدلالة كان واحدا.
__________________
(١) في الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ١٦٠. وينظر : جامع البيان : ج ١ ص ١٠٨. وهو من كلام الطبري وليس من نص عبارة أبي علي الفارسي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٧٢٧).