قوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ؛) قال ابن عبّاس ومجاهد والحسن : (معناه إنّ هذا دينكم دين واحد) (١) والأمّة الدّين ، ومنه قوله (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ)(٢) أي على دين. الأصل أنه يقال للقوم الذين يجتمعون على دين واحد : أمّة ، فتقوم الأمّة مقام الدّين. وهو نصب على الحال ؛ أي حال اجتماعها على الحقّ. قوله تعالى : (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (٩٢) ؛ أي لا دين سوى ديني ولا ربّ غيري.
قوله تعالى : (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) (٩٣) معناه : كان أمرهم في الدّين واحدا ، ولكن تفرّقوا واختلفوا بما لا يجوز ؛ وهم اليهود والنصارى والمجوس. قوله تعالى : (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) أي جميع أهل هذه الأديان راجعون إلى حكمنا يوم القيامة ، فنجزيهم بأعمالهم.
قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ ؛) أي لا جحود لعمله ، بل يتقبّلها الله ويثني عليها ، والمعنى : لا يمنع ثواب عمله ، ولا يجحد إحسانه. قوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ) (٩٤) ؛ أي نأمر الحفظة أن يكتبوا لذلك العامل عمله لنجازيه عليه.
قوله تعالى : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٩٥) ؛ أي واجب على كلّ قرية اذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها. قال الكلبيّ : (يعني بقوله (أهلكناها) عذبناها أنّهم لا يرجعون إلى الدّنيا). والمعنى : أنّ الله تعالى حكم على من أهلك أن يبقى في الأرض مدفونا إلى يوم القيامة ، وأن لا يرجع إلى الدّنيا. قرأ حمزة والكسائي : (وحرم) بكسر الحاء وجزم الراء من غير ألف ، وهما لغتان مثل حلّ وحلّان (٣).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٧٣٠) عن ابن عباس. والأثر (١٨٧٣١) عن مجاهد.
(٢) الزخرف / ٢٢.
(٣) ينظر : جامع البيان : م ج ١٠ ج ١٧ ص ١١٣. والحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ١٦١.