ويدخل في هذه الآية جملة المؤمنين ؛ لما روي أنّ عثمان (١) سمع عليّا كرّم الله وجهه يقرأ هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) قال : (أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزّبير وسعد وسعيد وعبد الرّحمن وأبو عبيدة) (٢). وقال الجنيد : (سبقت لهم من الله العناية في الهداية ، فظهرت الولاية في النّهاية).
قوله تعالى : (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) منحّون عن النار ، (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها ؛) أي حسّها وحركة تلهّبها ، والمعنى : لا يسمعون صوت النار ، (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) (١٠٢) ؛ أي في ما اشتهت أنفسهم من نعيم الجنّة مقيمون دائمون.
قوله تعالى : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ؛) قال أكثر المفسّرين : يعني إطباق جهنّم على أهلها ، وقال ابن عباس : (النّفخة الأخيرة). وقيل : هو ذبح الموت بين الفريقين. وقيل : هو حين يؤمر بأهل النار إلى النار ، وذلك حين يقال (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)(٣). قوله تعالى : (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ؛) أي بالتّهنئة على باب الجنّة ، فيقولون لهم : (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (١٠٣).
قوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ؛) قال ابن عبّاس ومجاهد : (السّجلّ هو الصّحيفة تطوى بما فيها من الكتابة) واللّام في قوله (للكتب) : بمعنى (على) ، وقال السديّ : (هو ملك موكّل بالصّحف ، إذا مات الإنسان رفع كتابه إليه فطواه). وقيل : إن السّجلّ كاتب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. ويقال : هو الرجل بلغة الحبشة.
__________________
(١) في الكشف والبيان : ج ٦ ص ٣١٠ ؛ قال الثعلبي : (عن ابن عم النعمان بن بشير وكان من سمّار علي ـ قال ...) وذكره. وفي جامع البيان : : الأثر (١٨٧٧١): (عن محمد بن حاطب وقال : عثمان منهم).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٣٧٣٦). وفي الدر المنثور : ج ٥ ص ٦٨١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي حاتم وابن عدي وابن مردويه).
(٣) يس / ٥٩.