قوله تعالى : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى ؛) أي من شدّة الفزع والخوف من عذاب الله يتحيّرون كأنّهم سكارى ، (وَما هُمْ بِسُكارى ؛) من الشّراب ، (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (٢) والمعنى : ترى الناس كأنّهم سكارى من ذهول عقولهم لشدّة ما يمر بهم فيضطربون اضطراب السّكران ، وسكارى جمع سكران. وقرأ أهل الكوفة (سكري وسكرى) بغير ألف. قال الفرّاء : (هو وجه جيّد في العربيّة ؛ لأنّه بمنزلة الهلكى والجرحى والمرضى) (١).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [يقول الله تعالى يوم القيامة لآدم : يا آدم ؛ قم فابعث بعث النّار. فيقول : لبّيك وسعديك ؛ وما بعث النّار؟ فيقول : من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النّار ، وواحد إلى الجنّة. فعند ذلك يشيب الصّغير ، وتضع الحامل ما في بطنها ، وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى].
قالوا : يا رسول الله! أيّنا ذلك الرّجل الّذي يبقى؟ قال : [أبشروا ؛ إنّي لأرجو أن يكون من يأجوج ومأجوج ألف ومنكم واحد] ثمّ قال : [إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنّة] فكبّرنا وحمدنا ، ثمّ قال : [إنّي لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنّة] فكبّرنا وحمدنا (٢) ، ثمّ قال : [إنّي لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنّة ، وأهل الجنّة مائة وعشرون صفّا ، ثمانون منها أمّتي](٣) ثمّ قال صلىاللهعليهوسلم : [يدخل الجنّة من أمّتي سبعون ألفا بغير حساب ، مع كلّ واحد سبعون ألفا] فقال عكاشة بن محيص : أدع الله أن يجعلني منهم ، فقال : [أنت منهم] فقام رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم ، فقال : [سبقك بها عكاشة](٤).
__________________
(١) معاني القرآن : ج ٢ ص ٢١٤.
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير : باب وَتَرَى النَّاسَ سُكارى : الحديث (٤٧٤١).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣٤٧. والطبراني في الأوسط : الحديث (٥٤٣). وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٤٠٣ ؛ قال الهيثمي : (هو في الصحيح باختصار رواه أحمد والبزار والطبراني في الثلاثة ورجالهم رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وقد وثق).
(٤) أخرجه مسلم في الصحيح : كتاب الإيمان : باب موالاة المؤمنين : الحديث (٣٦٧ / ٢١٦ و ٣٧١ / ٢١٨ و ٣٧٢ / ٢١٨).