قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى ؛) أي ذلك الذي وصفناه من تعريف الخلق على هذه الأحوال في إحياء الأرض الميتة ؛ لتعلموا وتقرّوا بأنّ الله هو المستحقّ لصفات التعظيم ، وهو الإله الواحد الذي يقدر على كلّ شيء.
قوله تعالى : (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) أي ويدلّكم على أنه يحيي الموتى كما أحياكم ابتداء ، (وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦) ، وبأنه على كلّ شيء من الإيجاد والإعدام قدير ، ويدلّكم (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٧) ؛ للحسنات والجزاء.
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٨) ؛ نزلت في النّضر بن الحارث أيضا ، وقيل : نزلت في أبي جهل ، ومعناه : يجادل ليحقّ الباطل ، ويبطل ما دلّ عليه الدليل بغير معرفة ودليل ولا كتاب منير فيه حجّة ما يقول.
قوله تعالى : (ثانِيَ عِطْفِهِ ؛) أي لاوي عنقه متكبرا معرضا عن ما يدعى إليه كبرا ، وهو منصوب على الحال ، والمعنى : ومن النّاس من يجادل في الله متكبرا شامخا بأنفه ، (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ؛) أي عن دين الله وطاعته.
وقوله تعالى : (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ؛) أي عقوبة بالمذمّة والقتل ، (وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ) (٩) ؛ أي عذاب النار ، فقتل النّضر بن الحارث يوم بدر أسيرا ، ومن قال : نزلت في أبي جهل فهو قتل أيضا يوم بدر.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ؛) مبالغة في إضافة الخزي إليه ، (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١٠) ؛ ظاهر المعنى ، فإن قيل : لم قال الله تعالى : (بِظَلَّامٍ) على صفة المبالغة وهو لا يظلم مثقال ذرّة؟ فقيل : تعالى إنه لو فعل أقلّ قليل الظّلم ، لكان عظيما منه.
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ؛) قال ابن عبّاس : (نزلت هذه الآيات في أناس من بني أسد بن خزيمة ، أصابتهم سنة شديدة فأجدبوا فيها ، فمضوا بعيالهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة مهاجرين ، فكانوا إذا أعطوا من