إلى الجنّة ، فيقال له : هذا لك لو آمنت ، فأمّا إذا كفرت فإنّ الله بدّلك به هذا ، ويفتح له باب إلى النّار ، ثمّ يقمعه بالمطراق قمعة فيصيح صيحة يسمعه خلق الله كلّهم غير الثّقلين ، فلا يسمع صوته شيء إلّا لعنه ، ثمّ يفتح له باب إلى النّار يدخل عليه من ريحها وسمومها ، ويقال له : نم نومة اللّديغ ، ثمّ يضيّق عليه قبره حتّى تختلف عليه أضلاعه] فذلك قوله (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)(١)(وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ ؛) أي ويهلكهم ، (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٢٧) ؛ من التّثبيت والإضلال ، لا مانع له مما يفعله.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ؛) فيه تعجيب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم من صنع المشركين ، فإنّهم بدّلوا نعمة الله بالكفر ، ثم لم يقتصروا على هذا في أنفسهم حتى أضلّوا قومهم ، (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (٢٨) ؛ أي دار الهلاك وهي : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها ؛) أي يدخلونها يوم القيامة ، (وَبِئْسَ الْقَرارُ) (٢٩) ؛ قرار من يكون قراره النار ، وقوله تعالى : (جَهَنَّمَ) بنصب (يَصْلَوْنَها).
قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً ؛) أي أمثالا ونظراء ، (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ؛) أي كان عاقبتهم الضلال عن دين الله ، (قُلْ تَمَتَّعُوا ؛) قليلا في الدنيا ، (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) (٣٠).
قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ؛) في الآية أمر للنبيّ صلىاللهعليهوسلم بأن يأمر المؤمنين بما يؤدّيهم إلى النعيم المقيم ، وقوله تعالى : (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) أي يؤدّونها لمواقيتها بشرائطها.
واختلفوا في جزم (يُقِيمُوا) قيل : لأنه جواب الأمر ، وقال بعضهم : تقديره : قل لعبادي الذين آمنوا أقيموا. قوله تعالى : (وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً ؛)
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الجنائز : الحديث (١٣٦٩) مختصرا. وأبو داود في السنن : كتاب السنة : الحديث (٤٧٥٠ ـ ٤٧٥٣). والطبري في جامع البيان : الحديث (١٥٧٠٧) بأسانيد. وعن أبي هريرة أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٥٧٠٨ و ١٥٧٠٩).