من الأموال في وجه البرّ من الفرائض والنوافل ، سرّا في النوافل ، وعلانية في الفرائض ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ؛) يوم لا يقبل البدل للتخلّص من النار ، (وَلا خِلالٌ) (٣١) ؛ أي ولا مودّة يكون فيها تخليص أحدهما للآخر.
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ؛) يعني المطر ، (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ ؛) أي من الثمار ما تنتفعون به. قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ ؛) أي السّفن ، (لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ) (٣٢) ، وتجري حيث تشاؤون ، (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ ؛) أي سخّرها لكم إلى يوم القيامة ، (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (٣٣) ؛ بأن أتى بهما متعاقبين لينصرف الناس في معايشهم بالنهار ويهدأوا بالليل.
قوله تعالى : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ ؛) من العاقبة وغير ذلك ، ومن قرأ (من كلّ) بالتنوين فالمعنى : أعطاكم من كلّ ما تقدّم ذكره من النّعم ، ثم قال (ما سَأَلْتُمُوهُ) اي لم تسألوه ، بل ابتدأكم بذلك تفضّلا.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها ؛) أي إنعامه ، والنّعمة ها هنا اسم أقيم مقام المصدر ، ولذلك لم يجمع ، (لا تُحْصُوها) اي تأتوا على جميعها بالعدّ. وقيل : لا تحفظوها ولا تطيقوا عدّها.
قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤) ؛ معناه : إن الإنسان مع هذه النّعم لظلوم لنفسه كفّار لنعم ربه. والإنسان : اسم جنس لكن يقصد به في هذا الموضع الكافر خاصّة.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ؛) أي واذكر إذ قال إبراهيم بعد ما بنى البيت : رب اجعل مكّة آمنا يأمن فيها الناس والوحش ، فاستجاب الله دعاءه حتى اجتمع فيه الناس مع شدّة العداوة بينهم ، وتدنوا الوحوش فيه من الناس فتأمن منهم. وإنما عرّف البلد في هذه الآية ونكّرها في البقرة ؛ لأن النّكرة إذا أعيدت تعرّفت.