قال : [لو وضع مقمع من حديد على الأرض ، ثمّ اجتمع عليه الثّقلان ما رفعوه من الأرض](١).
ثم ذكر الله الخصم الآخر فقال : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ؛) قد تقدّم تفسيره في سورة الكهف.
قرأ أهل المدينة وعاصم : (وَلُؤْلُؤاً) بالنصب على معنى (يحلّون فيها لؤلؤا) ، ومن قرأ بالخفض كان المعنى (يحلّون فيها من أساور من لؤلؤ).
وقوله تعالى : (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٢٣) ؛ ظاهر المراد. قال أبو سعيد الخدريّ : [من لبس الحرير في الدّنيا لم يلبسه في الآخرة ، وإن دخل الجنّة لبسه أهل الجنّة ولم يلبسه هو](٢).
قوله تعالى : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ؛) أي هدوا في الدّنيا إلى القول الطيّب ، وهو قول لا إله إلّا الله ، وقيل : إلى القرآن. قوله تعالى : (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) (٢٤) ؛ فالله الحميد ، والصّراط : طريق الجنّة. والمعنى : أرشدوا إلى الإسلام. ويجوز أن يكون (الْحَمِيدِ) نعتا للصراط كما في قوله تعالى (حَقُّ الْيَقِينِ)(٣). وقيل : معنى الآية : وأرشدوا إلى القول الطيّب في الآخرة مثل قول الله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ)(٤).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ؛) معناه : إنّ الذين كفروا بمحمّد والقرآن (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عطف المضارع على المضاف ؛ لأن المراد بالمضارع الماضي أيضا. ويجوز أن يكون المعنى الذين كفروا فيما مضى وهم الآن يصدّون عن سبيل الله مع كفرهم ، والمعنى : يمنعون الناس عن طاعة الله وعن
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب الأهوال : باب أول شافع : الحديث (٨٨٠٩) ؛ وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده : ج ٣ ص ٢٣ مرفوعا. وابن حبان في السنن : الحديث (٥٤٣٧). والحاكم في المستدرك : كتاب اللباس : الحديث (٧٤٨) وصححه.
(٣) الواقعة / ٩٥.
(٤) الزمر / ٧٤.